البناء على القبور
قال تعالى : ( ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا ) ، وقال تعالى : ( قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا ).
مبحث في تفسير قوله تعالى : ( فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا ) ، قال الآلوسي : وهذا القول من البعض عند بعض كان عن اعتناء بالفتية ؛ وذلك أنهم ضنوا بتربتهم فطلبوا البناء على كهفهم لئلّا يتطرق الناس إليهم (١).
( قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا ) (٢) : ثم فرغوا من التنازع في ذلك واهتموا بإجلال قدرهم وتشهير أمرهم ، فقالوا : « ابنوا... » إلى آخره...
والذي يقتضيه كلام كثير من المفسرين أنّ غرض الطائفتين ، القائلين : « ابنوا... » إلى آخره ، والقائلين : « لنتّخذنَّ... » إلى آخره تعظيمهم وإجلالهم.
والمراد بالذين غلبوا قيل : الملك المسلم ، وقيل : أولياء أصحاب الكهف ، وقيل : روؤساء البلد ؛ لأنّ من له الغلبة في هذا النزاع لابد أن يكون أحد هؤلاء ، والمذكور في القصة : أنّ الملك جعل على باب الكهف مسجداً ، وجعل له في كل سنة عيداً عظيماً.
وعن الزّجاج : أنّ هذا يدلّ علىٰ أنّه لمّا ظهر أمرهم غلب المؤمنون
___________________________________
١ ـ روح المعاني في تفسير القرآن العظيم ٨ / ٢٢٣.
٢ ـ الكهف : ٢١.