بيان كلام القبر
إنّ بيان كلام القبر للميت وكلام الموتى : إمّا بلسان المقال ، أو بلسان الحال التي هي أفصح في تفهيم الموتى من لسان المقال في تفهيم الأحياء.
قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « يقول القبر للميت حين يوضع في قبره : ويحك يا ابن آدم ، ما غرّك بي ؟ ألم تعلم أنّي بيت الفتنة وبيت الظلمة وبيت الوحدة وبيت الدود ؟! ما غرّك بي إذ كنت تمرّ بي مراراً ؟ فإن كان صالحاً أجاب عنه مجيب للقبر فيقول : أرأيتم إن كان ممّن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ؟ فيقول القبر : إذاً أتحوّل عليه خضراء ، ويعود جسده نوراً ، وتصعد روحه إلى الله » (١).
وقال بعضهم : ليس من ميتٍ يموت إلّا نادته حفرته التي يدفن فيها : « أنا بيت الظلمة والوحدة والانفراد ، فإن كنت في حياتك لله مطيعاً كنتُ عليك رحمةً ، وإن كنت لله عاصياً فأنا اليوم عليك نقمة ، أنا الذي مَن دخلني مطيعاً خرج مسروراً ، ومن دخلني عاصياً خرج مثبوراً » (٢).
وقال آخر : بلغنا أنّ رجلاً وضع في قبره فناداه جيرانه من الموتى : أيّها المخلَف في الدنيا بعد إخوانه وأصدقائه وجيرانه ، أما كان لك فينا معتبر ؟ أما كان في تقدّمنا إيّاك فكرة ؟ أما رأيت انقطاع أعمالنا عنّا وأنت في المهلة ، فهلاً استدركت ما فاتك من إخوانك ؟
___________________________________
١ ـ مجمع الزوائد : ٣ / ٤٥.
٢ ـ محاسبة النفس ، إبراهيم الكفعمي : ١٤٠.