وتناديه بقاع الأرض : أيّها المغترّ بظاهر الدنيا ، هلّا اعتبرت بمَن غُيِّبَ من أهلك في بطن الأرض ممّن غرّته الدنيا قبلك ثم سبق به أجله إلى القبور وأنت تراه محمولاً تهاداه أحبّته إلى المنزل الذي لابدّ منه ؟ » (١).
وقال آخر : بلغني أنّ الميت إذا وضع في قبره احتوشته أعماله ، ثم أنطقها الله فقالت : « يا أيّها العبد المنفرد في حفرته ، انقطع عنك الأخلّاء والأهلون فلا أنيس لك اليوم غيرنا » (٢).
وقال بعضهم : إذا وضع العبد الصالح المطيع لربّه في القبر احتوشته أعماله الصالحة ، مثل الصلاة والصيام والحجّ والصدقة.
قال : ويجيء ملائكة العذاب من قِبَلِ رجليه ، فتقول الصلاة :
« إليكم عنه فلا سبيل لكم عليه ، فقد أطال القيام لله تعالى عليها ».
فيأتونه من قبل رأسه ، فيقول الصيام : « لا سبيل لكم عليه ، فقد طالما أظمأ لله في دار الدنيا فلا سبيل لكم عليه »
فيأتونه من قبل جسده ، فيقول الحجّ : « إليكم عنه ، فقد أتعب بدنه ، وأنصب نفسه ، وحجّ لله فلا سبيل لكم عليه ».
فيأتونه من قبل يديه ، فتقول الصدقة : « كُفّوا عنه ، خلّوا عن صاحبي ، فكم من صدقةٍ خرجت من هاتين اليدين حتى وقعت في يد الله ابتغاء وجهه ، فلا سبيل لكم عليه ».
___________________________________
١ ـ فيض القدير ، العلّامة المناوي : ٥ / ٥٧٠. ( قطعة منه ).
٢ ـ تهذيب الكمال : ٢٢ / ٧٤.