إحدى خطب الإمام علي بن أبي طالب عليهالسلام في النصح والإرشاد
« اُوصيكم أيها الناس بتقوى الله وكثرة حمده على آلائه إليكم ، ونعمائه عليكم ، وبلائه لديكم ، فكم خصّكم بنعمة ، وتدارككم برحمة ، أعورتم له فستركم ، وتعرّضتم لأخذه فأمهلكم !
واُوصيكم بذكر الموت وإقلال الغفلة عنه ، وكيف غَفْلَتكم عمّا ليس يغفلكم ، وطمعكم في من ليس يمهلكم ؟ فكفى واعظاً بموتى عاينتموهم ، حُمِلوا إلى قبورهم غير راكدين ، واُنزلوا فيها غير نازلين ، فكأنهم لم يكونوا للدنيا عُمّاراً ، وكأنّ الآخرة لم تزل لهم داراً.
أوحشوا ما كانوا يَطِنُون ، وأوطنوا ما كانوا يوحشون ، واشتغلوا بما فارقوا ، وأضاعوا ما إليه انتقلوا ، لا عن قبيح يستطيعون انتقالاً ، ولا في حسنٍ يستطيعون ازدياداً ، وأنِسُوا بالدنيا فغرّتهم ، ووثِقُوا بها فصرعتهم.
فسابقوا ـ رحمكم الله ـ إلى منازلكم التي اُمرتم أن تعمروها ، والتي رغبتم فيها ودُعيتم إليها ، واستتمّوا نعم الله عليكم بالصبر على طاعته ، والمجانبة لمعصيته ، فإنّ غداً من اليوم قريب.
ما أسرع الساعات في اليوم ، وأسرع الأيّام في الشهر ، وأسرع الشهور في السنة ، وأسرع السنين في العمر ! » (١).
___________________________________
١ ـ شرح نهج البلاغة : ١٣ / ٩٩ ، نهج البلاغة : ٣٧٢ خطبة ( ١٨٨ ).