الجندي المجهول
لا يخفى أنّ أصل مسألة نصب الجندي المجهول فكرة لا تخلو من التقدير والتكريم لذلك الجندي الذي خرج مدافعاً عن الوطن والأموال والأعراض والمقدّسات فقتل ، ولم نعلم عنه شيئاً فكان هذا النصب !
ولكنّ هذا النصب الشامخ الذي يُكلف الدولة
مئات الملايين ، وفي أحسن المواقع من العاصمة ، وسط الحدائق الغنّاء التي تحيط به ، والحرس والعمال الذين يقومون بخدمته المحافظة عليه من عبث العابثين ، حيث تنتهي إلى هذا النصب مواكب تقطع الطريق المؤدية إليه ، من فرق الموسيقى وهي تعزف ألحاناً عسكرية ، تمتاز بملابس وآلات العازفين من العسكريين الجميلة... تنتهي برؤساء الدول والقادة إلى قنينة غاز متّقدة ليلاً ونهاراً ، حيث يعزف عندها النشيد الوطني لدولة الضيف الزائر ، والنشيد الوطني لدولة المضيِّف ، وبمراسيم خاصّة توضع باقات الورود الثمينة عند هذه النار ، فيعلو التصفيق ، وتتلاقى الأيدي بالمصافحة ، وحرس الشرف على جانبي الطريق ، والمدفعية تطلق إحدى وعشرين إطلاقة تيمّناً وتكريماً للضيف الزائر. وفي بعض الأحيان تذبح الذبائح إن كان الضيف من ملوك أو رؤساء الدول العربية أو الإسلامية : فماذا بعد هذا