وكُلُّ القومِ يَسألُ عن نُفَيلٍ |
|
|
|
كأنّ عَلَيَّ للحُبشانِ دَينا |
|
واُصيب أبرهة في جسده ، فسقطت أعضاؤه عُضواً عضواً ، حتى قدموا به صنعاء وهو مثل الفرخ ، فما مات حتى انصدع صدره عن قلبه !
فلمّا هلكَ مَلَكَ ابنُه يكسوم بن أبرهة ، وبه كان يُكنّىٰ ، وذلّت حِميَر واليمن له ، ونَكحت الحبشة نساءهم ، وقتلوا رجالهم ، واتّخذوا أبناءهم تراجمةً بينهم وبين العرب.
ولمّا أهلك الله الحبشة وعاد ملكهم ، ومعه من سلم منهم ، ونزل عبدالمطّلب من الغد إليهم لينظر ما يصنعون ، ومعه أبو مسعود الثّقفي لم يسمعا حسّاً ، فدخلا معسكرهم فرأيا القوم هلكىٰ ، فاحتفر عبدالمطّلب حفرتَين ملأهما ذهباً وجوهراً له ولأبي مسعود ، ونادىٰ في الناس ، فتراجعوا ، فأصابوا من فضلهما شيئاً كثيراً ، فبقي عبدالمطّلب في غنىً من ذلك المال حتى مات (١).
وبعث الله السيل ، فألقى الحبشة في البحر. ولمّا ردَّ الله الحبشة عن الكعبة وأصابهم ما أصابهم عظّمت العرب قريشاً وقالوا : أهل الله قاتل عنهم. ثم مات يكسوم وملك بعده أخوه مسروق (٢).
تأمّل أخي القارئ ما ورد في المصدر نفسه :
« ... ثم أقاموا عليه يقاتلونه بقية المحرَّم وصفر كلّه ، حتى إذا مضت ثلاثة أيّامٍ من شهر ربيع الأوّل سنة أربعٍ وستّين رموا البيت بالمجانيق
___________________________________
١ ـ وقال كثير من أهل السِيَر : إنّ الحصبة والجدري أول ما رُئيَ في العرب بعد الفيل ، وكذلك قالوا : إنّ العشر والحرمل والشجر لم تعرف بأرض العرب إلّا بعد الفيل. وهذا ممّا لا ينبغي أن يعرض عليه ، فإنَّ هذه الأمراض والأشجار قبل الفيل مُذ خلق الله العالَم.
٢ ـ الكامل في التاريخ : ١ / ٤٤٢ ـ ٤٤٧.