التكذيب والتصديق ووجهه أن كل من نزّل قولا من أقوال الشرع على شيء من الدرجات العقلية التي لا تحقق نقضا فهو من التعبد وإنما الكذب أن ننفي جميع هذه المعاني ، ويزعم أن ما قاله لا معنى له ، وإنما هو كذب محض ، وذلك هو الكفر المحض ، ولهذا لا يكفّر المتبدع المتأول ما دام ملازما لقانون التأويل لقيام البرهان عنده على استحالة الظواهر (١) (٢).
وقال الزرشكي في موضع آخر : وعلى هذا فلا يسوغ لكل فريق تكفير خصمه بمجرد ظنه أنه غالط في البرهان ، نعم يجوز أن نسميه ضالا؛ لأنه ضل عن الطريق ، أو مبتدعا؛ لأنه ابتدع أقوالا لم يقلها السلف (٣).
وثم ذكر قول الإمام القشيري : وعبر بعض الأصوليين عن هذا بما معناه أن من أنكر طريق إثبات الشرع لم يكفر ، كمن أنكر الإجماع ، ومن أنكر الشرع بعد العتراف بطريقة كفر لأنه مكذب (٤).
وقال ابن تيمية في المسودة : مسألة : من خالف حكما مجمعا عليه فهل يكفر بذلك؟ قال ابن حامد وغيره : انه يكفر ومرد ذلك أن يكفر من جوزّ
__________________
(١) وهذا الضابط ينطق على من يرى أن الآية الكريمة : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر : ٩) لا تدل على حفظ القرآن عند جميع الناس بل يكفي لتحقق مدلول الآية حفظ القرآن عند إمام الناس.
(٢) المنثور في القواعد لأبي عبد الله الزرشكي٣ : ٨٦ ـ ٨٧.
(٣) المنثور في القواعد لأبي عبد الله الزرشكي٣ : ٩٠.
(٤) المنثور في القواعد لأبي عبد الله الزرشكي٣ : ٩٢ ، وهذا هو الضابط الذي ذكره الشيعة سابقاً.