ثم يتلوها ـ وبالأحرى ـ وجوب النظر إلى كيفية تحصيله من حلاله وحرامه ، من ضاره ونافعه ، جسدانيا.
فثم إذا ما كان النظر إلى طعام الأبدان واجبا شرعيا ، فهل يا ترى النظر إلى طعام الأرواح ليس واجبا ، والبدن مدرسة الروح وقنطرة لكماله؟! .. لذلك ترى الإمامين الصادقين يسألان عن معنى الطعام يجيبان : «علمه الذي يأخذه عمن يأخذه» (١) تفسيرا موسّعا وبالمصداق الخفي ، أو تأويلا وما أحسنه تنبيها لغير الخالدين إلى الأرض.
إن الطعام ألصق شيء بالإنسان بعد خلقه ، وألزمه له استبقاء لكيانه كحيوان. فهلّا يلصق به كإنسان طعام الإنسان ، طعام الروح : المعرفة والعلم ، وغذاء القلب : الإيمان ، فإذ «لا» * فإنه قسمة ضيزى ، وإلا فلينظر الإنسان إلى طعام الروح ماذا يجب أن يكون وممن؟ .. إنه من الله ، من وحيه وإلهامه ، من مصادر الوحي والإلهام ، حيث لا يخالطه مثوب الأرض ، طعام من الصحف المكرمة مرفوعة مطهرة بأيدي سفرة كرام بررة.
فلو لم ينظر الإنسان إلى طعامه المادي وفي صلوحه لغذائه ، مرض ، أو أنه مسموم ، مات ، أو في أنه من حل أو حرام عصى ربه ، وكل ذلك قابل للجيران وغايته فيما سوى الأخير فناء الجسم وما عليه لو سلّم القلب من كدر الكفر والعصيان.
وأما إذا لم ينظر في طعام الروح في أصله فيبقى الروح جائعا ، أو في نوعه فسمّ الروح أو قتل ، فهناك الطامة الكبرى مهما كان الجسم قويا صحيحا ناضجا.
__________________
(١) تفسير البرهان ٤ : ٤٢٩ محمد بن يعقوب بسنده عن زيد الشحام عن الصادق (ع) والشيخ المفيد في الاختصاص بسنده عنه عن الباقر (ع).