ثم نرى فريقا آخر من الحيوان أن نومها لا يناط بالليل ، فتجعل الليل نهارا والنهار ليلا كالعكس ، دون تمييز بينهما للنوم والعمل.
ثم نرى ثالثا تعكس الأمر تماما فتجعل النهار ليلا فتأخذ كلا كعكسه كالخفاش»: ـ
«فهي مسدلة الجفون بالنهار على أحداقها ، وجاعلة الليل سراجا تستدل به في التماس أرزاقها ، فسبحان من جعل الليل لها نهارا ومعاشا والنهار سكنا وقرارا» (١).
ثم نرى البعض من الحشرات أنها لا تعرف النوم طوال أشغالها الطويلة الزمن كالنمل ، فهي تدور في تهيئة أرزاقها في غير الشتاء ، ثم تستريح وتنام في الشتاء.
هذا «ولكن الإنسان لا يستطيع الإدمان في الشغل وترك النوم لأكثر من عشرة أيام ، ثم الموت قطعا» (٢).
وعلى أية حال لا تجد حيا في الكون إلا وهو بحاجة ملحة إلى النوم ، مهما اختلفت أوقاته ومقاديره ، ومن ثم نرى القرآن يمن فيما يمنّ على الإنسان بجعل النوم سباتا.
(وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً. وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً) :
(أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (٢٧ : ٨٦) (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِباساً وَالنَّوْمَ سُباتاً
__________________
(١) نهج البلاغة ، الخطبة : ١٥.
(٢) النوم والإنامة ـ أو ـ هيبنوتيزم ص ١٢.