(إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (١٩) وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ)(٢٠)
(إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ) يريدون (أَنْ تَشِيعَ) أن تنشر (الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) بالحد والسعير إلى غير ذلك. (وَاللهُ يَعْلَمُ) ما في الضمائر. (وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) فعاقبوا في الدنيا على ما دل عليه الظاهر والله سبحانه يعاقب على ما في القلوب من حب الإشاعة.
(وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ) تكرير للمنة بترك المعاجلة بالعقاب للدلالة على عظم الجريمة ولذا عطف قوله : (وَأَنَّ اللهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) على حصول فضله ورحمته عليهم وحذف الجواب وهو مستغنى عنه بذكره مرة.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَّيْطانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلكِنَّ اللهَ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)(٢١)
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ) بإشاعة الفاحشة ، وقرئ بفتح الطاء وقرأ نافع والبزي وأبو عمرو وأبو بكر وحمزة بسكونها. (وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَّيْطانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) بيان لعلة النهي عن اتباعه ، و «الفحشاء» ما أفرط قبحه ، و «المنكر» ما أنكره الشرع. (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ) بتوفيق التوبة الماحية للذنوب وشرع الحدود المكفرة لها (ما زَكى) ما طهر من دنسها. (مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً) آخر الدهر. (وَلكِنَّ اللهَ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ) بحمله على التوبة وقبولها. (وَاللهُ سَمِيعٌ) لمقالهم. (عَلِيمٌ) بنياتهم.
(وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(٢٢)
(وَلا يَأْتَلِ) ولا يحلف افتعال من الألية ، أو ولا يقصر من الألو ، ويؤيد الأول أنه قرئ ولا «يتأل». وأنه نزل في أبي بكر الصديق رضي الله عنه وقد حلف أن لا ينفق على مسطح بعد وكان ابن خالته وكان من فقراء المهاجرين. (أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ) في الدين. (وَالسَّعَةِ) في المال. وفيه دليل على فضل أبي بكر وشرفه رضي الله تعالى عنه. (أَنْ يُؤْتُوا) على أن لا (يُؤْتُوا) ، أو في (أَنْ يُؤْتُوا). وقرئ بالتاء على الالتفات. (أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ) صفات لموصوف واحد ، أي ناسا جامعين لها لأن الكلام فيمن كان كذلك ، أو لموصوفات أقيمت مقامها فيكون أبلغ في تعليل المقصود. (وَلْيَعْفُوا) عما فرط منهم. (وَلْيَصْفَحُوا) بالإغماض عنه. (أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ) على عفوكم وصفحكم وإحسانكم إلى من أساء إليكم. (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) مع كمال قدرته فتخلقوا بأخلاقه. روي أنه عليه الصلاة والسلام قرأها على أبي بكر رضي الله تعالى عنه فقال : بلى أحب ورجع إلى مسطح نفقته.
(إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ(٢٣) يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (٢٤) يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ) (٢٥).