أو أمر بصلاة الظهر فإنه نهاية النصف الأول من النهار وبداية النصف الآخر وجمعه باعتبار النصفين أو لأن النهار جنس ، أو بالتطوع في أجزاء النهار. (لَعَلَّكَ تَرْضى) متعلق ب (سَبِّحْ) أي سبح في هذه الأوقات طمعا أن تنال عند الله ما به ترضي نفسك. وقرأ الكسائي وأبو بكر بالبناء للمفعول أي يرضيك ربك.
(وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى)(١٣١)
(وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ) أي نظر عينيك. (إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ) استحسانا له وتمنيا أن يكون لك مثله. (أَزْواجاً مِنْهُمْ) وأصنافا من الكفرة ، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في به والمفعول منهم أي إلى الّذي متعنا به ، وهو أصناف بعضهم أو ناسا منهم. (زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا) منصوب بمحذوف دل عليه (مَتَّعْنا) أو (بِهِ) على تضمينه معنى أعطينا ، أو بالبدل من محل (بِهِ) أو من (أَزْواجاً) بتقدير مضاف ودونه ، أو بالذم وهي الزينة والبهجة. وقرأ يعقوب بالفتح وهو لغة كالجهرة في الجهرة ، أو جمع زاهر وصف لهم بأنهم زاهرو الدنيا لتنعمهم وبهاء زيهم بخلاف ما عليه المؤمنون الزهاد. (لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ) لنبلوهم ونختبرهم فيه ، أو لنعذبهم في الآخرة بسببه. (وَرِزْقُ رَبِّكَ) وما ادخر لك في الآخرة ، أو ما رزقك من الهدى والنبوة. (خَيْرٌ) مما منحهم في الدنيا. (وَأَبْقى) فإنه لا ينقطع.
(وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى)(١٣٢)
(وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ) أمره بأن يأمر أهل بيته أو التابعين له من أمته بالصلاة بعد ما أمر بها ليتعاونوا على الاستعانة بها على خصاصتهم ولا يهتموا بأمر المعيشة ولا يلتفتوا لفت أرباب الثروة. (وَاصْطَبِرْ عَلَيْها) وداوم عليها. (لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً) أي أن ترزق نفسك ولا أهلك. (نَحْنُ نَرْزُقُكَ) وإياهم ففرغ بالك لأم الآخرة. (وَالْعاقِبَةُ) المحمودة. (لِلتَّقْوى) لذوي التقوى. روي «أنه عليه الصلاة والسلام كان إذا أصاب أهله ضر أمرهم بالصلاة وتلا هذه الآية».
(وَقالُوا لَوْ لا يَأْتِينا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى)(١٣٣)
(وَقالُوا لَوْ لا يَأْتِينا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ) بآية تدل على صدقه في ادعاء النبوة ، أو بآية مقترحة إنكارا لما جاء به من الآيات ، أو للاعتداد به تعنتا وعنادا فألزمهم بإتيانه بالقرآن الّذي هو أم المعجزات وأعظمها وأبقاها ، لأن حقيقة المعجزة اختصاص مدعي النبوة بنوع من العلم أو العمل على وجه خارق للعادة ، ولا شك أن العلم أصل العمل وأعلى منه قدرا وأبقى أثرا فكذا ما كان من هذا القبيل ، ونبههم أيضا على وجه أبين من وجوه إعجاز المختصة بهذا الباب فقال : (أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى) من التوراة والإنجيل وسائر الكتب السماوية ، فإن اشتمالها على زبدة ما فيها من العقائد والأحكام الكلية مع أن الآتي بها أميّ لم يرها ولم يتعلم ممن علمها إعجاز بين ، وفيه إشعار بأنه كما يدل على نبوته برهان لما تقدمه من الكتب من حيث إنه معجز وتلك ليست كذلك ، بل هي مفتقرة إلى ما يشهد على صحتها. وقرئ «الصحف» بالتخفيف وقرأ نافع وأبو عمرو وحفص عن عاصم (أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ) بالتاء والباقون بالياء.
(وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى (١٣٤) قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدى)(١٣٥)
(وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ) من قبل محمّد عليه الصلاة والسلام أو البينة والتذكير لأنها في معنى