واستكبارهم ، واستكان استفعل من الكون لأن المفتقر انتقل من كون إلى كون أو افتعل من السكون أشبعت فتحته. (وَما يَتَضَرَّعُونَ) وليس من عادتهم التضرع وهو استشهاد على ما قبله.
(حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ) يعني الجوع فإنه أشد من القتل والأسر. (إِذا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ) متحيرون آيسون من كل خير حتى جاءك أعتاهم يستعطفك.
(وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ (٧٨) وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٧٩) وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ أَفَلا تَعْقِلُونَ)(٨٠)
(وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ) لتحسوا بها ما نصب من الآيات. (وَالْأَفْئِدَةَ) لتتفكروا فيها وتستدلوا بها إلى غير ذلك من المنافع الدينية والدنيوية. (قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ) تشكرونها شكرا قليلا لأن العمدة في شكرها استعمالها فيما خلقت لأجله ، والإذعان لمانحها من غير إشراك و (ما) صلة للتأكيد.
(وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ) خلقكم وبثكم فيها بالتناسل. (وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) تجمعون يوم القيامة بعد تفرقكم.
(وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) ويختص به تعاقبهما لا يقدر عليه غيره فيكون ردا لنسبته إلى الشمس حقيقة أو لأمره وقضائه تعاقبهما ، أو انتقاص أحدهما وازدياد الآخر. (أَفَلا تَعْقِلُونَ) بالنظر والتأمل أن الكل منا وأن قدرتنا تعم الممكنات كلها وأن البعث من جملتها ، وقرئ بالياء على أن الخطاب السابق لتغليب المؤمنين.
(بَلْ قالُوا مِثْلَ ما قالَ الْأَوَّلُونَ (٨١) قالُوا أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (٨٢) لَقَدْ وُعِدْنا نَحْنُ وَآباؤُنا هذا مِنْ قَبْلُ إِنْ هذا إِلاَّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ)(٨٣)
(بَلْ قالُوا) أي كفار مكة. (مِثْلَ ما قالَ الْأَوَّلُونَ) آباؤهم ومن دان بدينهم.
(قالُوا أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) استبعادا ولم يتأملوا أنهم كانوا قبل ذلك أيضا ترابا فخلقوا.
(لَقَدْ وُعِدْنا نَحْنُ وَآباؤُنا هذا مِنْ قَبْلُ إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) إلا أكاذيبهم الّتي كتبوها ، جمع أسطورة لأنه يستعمل فيما يتلهى به كالأعاجيب والأضاحيك. وقيل جمع أسطار جمع سطر.
(قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيها إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٤) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ)(٨٥)
(قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيها إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) إن كنتم من أهل العلم أو من العالمين بذلك ، فيكون استهانة بهم وتقريرا لفرط جهالتهم حتى جهلوا مثل هذا الجلي الواضح إلزاما بما لا يمكن لمن له مسكة من العلم إنكاره ، ولذلك أخبر عن جوابهم قبل أن يجيبوا فقال.
(سَيَقُولُونَ لِلَّهِ) لأن العقل الصريح قد اضطرهم بأدنى نظر إلى الإقرار بأنه خالقها. (قُلْ) أي بعد ما قالوه. (أَفَلا تَذَكَّرُونَ) فتعلمون أن من فطر الأرض ومن فيها ابتداء قادر على إيجادها ثانيا ، فإن بدء الخلق ليس أهون من إعادته. وقرئ «تتذكرون» على الأصل.
(قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (٨٦) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ (٨٧) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٨) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى