تُسْحَرُونَ)(٨٩)
(قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) فإنها أعظم من ذلك. (سَيَقُولُونَ لِلَّهِ) قرأ أبو عمرو ويعقوب بغير لام فيه وفيما بعده على ما يقتضيه لفظ السؤال. (قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ) عقابه فلا تشركوا به بعض مخلوقاته ولا تنكروا قدرته على بعض مقدوراته.
(قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ) ملكه غاية ما يمكن وقيل خزائنه. (وَهُوَ يُجِيرُ) يغيث من يشاء ويحرسه. (وَلا يُجارُ عَلَيْهِ) ولا يغاث أحد ولا يمنع منه ، وتعديته بعلى لتضمين معنى النصرة. (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ).
(سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ) فمن أين تخدعون فتصرفون عن الرشد مع ظهور الأمر وتظاهر الأدلة.
(بَلْ أَتَيْناهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (٩٠) مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ (٩١) عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ)(٩٢)
(بَلْ أَتَيْناهُمْ بِالْحَقِ) من التوحيد والوعد بالنشور. (وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) حيث أنكروا ذلك.
(مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ) لتقدسه عن مماثلة أحد. (وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ) يساهمه في الألوهية. (إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ) جواب محاجتهم وجزاء شرط حذف لدلالة ما قبله عليه ، أي لو كان معه آلهة كما تقولون لذهب كل منهم بما خلقه واستبد به وامتاز ملكه عن ملك الآخرين وظهر بينهم التحارب والتغالب كما هو حال ملوك الدنيا ، فلم يكن بيده وحده ملكوت كل شيء واللازم باطل بالإجماع والاستقراء وقيام البرهان على استناد جميع الممكنات إلى واجب واحد. (سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ) من الولد والشريك لما سبق من الدليل على فساده.
(عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) خبر مبتدأ محذوف وقد جره ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو ويعقوب وحفص على الصفة ، وهو دليل آخر على نفي الشريك بناء على توافقهم في أنه المنفرد بذلك ولهذا رتب عليه. (فَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) بالفاء.
(قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ (٩٣) رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٩٤) وَإِنَّا عَلى أَنْ نُرِيَكَ ما نَعِدُهُمْ لَقادِرُونَ)(٩٥)
(قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي) إن كان لا بد من أن تريني لأن ما والنون للتأكيد. (ما يُوعَدُونَ) من العذاب في الدنيا والآخرة.
(رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) قرينا لهم في العذاب ، وهو إما لهضم النفس أو لأن شؤم الظلمة قد يحيق بمن وراءهم كقوله تعالى : (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً) عن الحسن أنه تعالى أخبر نبيه عليهالسلام أنه له في أمته نقمة ولم يطلعه على وقتها فأمره بهذا الدعاء وتكرير النداء ، وتصدير كل واحد من الشرط والجزاء به فضل تضرع وجؤار.
(وَإِنَّا عَلى أَنْ نُرِيَكَ ما نَعِدُهُمْ لَقادِرُونَ) لكنا نؤخره علمنا بأن بعضهم أو بعض أعقابهم يؤمنون ، أو لأنا لا نعذبهم وأنت فيهم ، ولعله رد لإنكارهم الموعود واستعجالهم له استهزاء به. وقيل قد أراه : وهو قتل بدر أو فتح مكة.