الله عنه ، والعباس بن عبد المطلب يتنازعان فيها ، فكان عليّ يقول : إن النبي ، صلّى الله عليه وسلّم ، جعلها في حياته لفاطمة ، وكان العباس يأبى ذلك ويقول : هي ملك لرسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، وأنا وارثه ، فكانا يتخاصمان إلى عمر ، رضي الله عنه ، فيأبى أن يحكم بينهما ويقول : أنتما أعرف بشأنكما أما أنا فقد سلمتها إليكما فاقتصدا فيما يؤتى واحد منكما من قلة معرفة ، فلما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة كتب إلى عامله بالمدينة يأمره بردّ فدك إلى ولد فاطمة ، رضي الله عنها ، فكانت في أيديهم في أيام عمر بن عبد العزيز ، فلما ولي يزيد بن عبد الملك قبضها فلم تزل في أيدي بني أمية حتى ولي أبو العباس السفّاح الخلافة فدفعها إلى الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب فكان هو القيّم عليها يفرّقها في بني علي بن أبي طالب ، فلما ولي المنصور وخرج عليه بنو الحسن قبضها عنهم ، فلما ولي المهدي بن المنصور الخلافة أعادها عليهم ثم قبضها موسى الهادي ومن بعده إلى أيام المأمون فجاءه رسول بني علي بن أبي طالب فطالب بها فأمر أن يسجّل لهم بها ، فكتب السجلّ وقرئ على المأمون ، فقام دعبل الشاعر وأنشد :
أصبح وجه الزمان قد ضحكا |
|
بردّ مأمون هاشم فدكا |
وفي فدك اختلاف كثير في أمره بعد النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وأبي بكر وآل رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، ومن رواة خبرها من رواه بحسب الأهواء وشدة المراء ، وأصح ما ورد عندي في ذلك ما ذكره أحمد بن جابر البلاذري في كتاب الفتوح له فانه قال : بعث رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، بعد منصرفه من خيبر إلى أرض فدك محيّصة بن مسعود ورئيس فدك يومئذ يوشع بن نون اليهودي يدعوهم إلى الإسلام فوجدهم مرعوبين خائفين لما بلغهم من أخذ خيبر فصالحوه على نصف الأرض بتربتها فقبل ذلك منهم وأمضاه رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وصار خالصا له ، صلّى الله عليه وسلّم ، لأنه لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب ، فكان يصرف ما يأتيه منها في أبناء السبيل ، ولم يزل أهلها بها حتى أجلى عمر ، رضي الله عنه ، اليهود فوجّه إليهم من قوّم نصف التربة بقيمة عدل فدفعها إلى اليهود وأجلاهم إلى الشام ، وكان لما قبض رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قالت فاطمة ، رضي الله عنها ، لأبي بكر ، رضي الله عنه : إن رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، جعل لي فدك فأعطني إياها ، وشهد لها علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، فسألها شاهدا آخر فشهدت لها أمّ أيمن مولاة النبي ، صلّى الله عليه وسلّم ، فقال : قد علمت يا بنت رسول الله أنه لا يجوز إلا شهادة رجلين أو رجل وامرأتين ، فانصرفت ، وروي عن أمّ هانئ أن فاطمة أتت أبا بكر ، رضي الله عنه ، فقالت له : من يرثك؟ فقال : ولدي وأهلي ، فقالت له : فما بالك ورثت رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، دوننا؟ فقال : يا بنت رسول الله ما ورثت ذهبا ولا فضة ولا كذا ولا كذا ولا كذا ، فقالت : سهمنا بخيبر وصدقتنا بفدك! فقال : يا بنت رسول الله سمعت رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، يقول : إنما هي طعمة أطعمنيها الله تعالى حياتي فإذا متّ فهي بين المسلمين. وعن عروة بن الزبير : أن أزواج رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، أرسلن عثمان بن عفان إلى أبي بكر يسألن مواريثهن من سهم رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، فقال أبو بكر : سمعت رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، يقول : نحن معاشر الأنبياء لا نورث ، ما تركناه صدقة ، إنما هذا المال لآل