وزهّدني في كلّ خير صنعته |
|
إلى الناس ما جرّبت من قلة الشكر |
إذا ارتحلت نحو اليمامة رفقة |
|
دهاك الهوى واهتاج قلبك للذكر |
فوا حزني مما أجنّ من الأسى |
|
ومن مضمر الشوق الدخيل إلى حجري |
تغرّبت عنها كارها وهجرتها ، |
|
وكان فراقيها أمرّ من الصبر |
فيا راكب الوجناء أبت مسلّما ، |
|
ولا زلت من ريب الحوادث في ستر |
إذا ما أتيت العرض فاهتف بأهله : |
|
سقيت على شحط النوى مسبل القطر |
فإنك من واد إليّ مرجّب |
|
وإن كنت لا تزداد إلا على عقري |
المرجّب : المعظّم ، ومنه قول الأنصاري : أنا جذيلها المحكّك وعذيقها المرجّب.
وبه سمّي رجب لتعظيمهم إياه ، وحدث أحمد بن عبيد بن ناصح النحوي قال أخبرني أبو الحسن علي بن محمد المدائني قال : كان يحيى بن طالب الحنفي مولى لقريش باليمامة ، وكان شيخا فصيحا ديّنا يقرّئ الناس ، وكان عظيم التجارة ، وذكر مثل ما تقدّم ، فخرج إلى خراسان هاربا من الدّين ، فلما وصل إلى قومس قال :
أقول لأصحابي ونحن بقومس ، |
|
ونحن على أثباج ساهمة جرد : |
بعدنا ، وبيت الله ، عن أرض قرقرى ، |
|
وعن قاع موحوش ، وزدنا على البعد |
فلما وصل إلى خراسان قال :
أيا أثلات القاع من بطن توضح |
|
حنيني ، إلى أطلالكنّ ، طويل |
ويا أثلاث القاع قلبي موكّل |
|
بكنّ ، وجدوى غيركنّ قليل |
ويا أثلات القاع قد ملّ صحبتي |
|
مسيري ، فهل في ظلّكنّ مقيل؟ |
ألا هل إلى شمّ الخزامى ونظرة |
|
إلى قرقرى قبل الممات سبيل |
فأشرب من ماء الحجيلاء شربة |
|
يداوى بها ، قبل الممات ، عليل |
أحدّث عنك النفس أن لست راجعا |
|
إليك ، فحزني في الفؤاد دخيل |
أريد انحدارا نحوها فيصدّني ، |
|
إذا رمته ، دين عليّ ثقيل |
قال أبو بكر بن الأنباري : وقد غنّي بهذه الأبيات عند الرشيد فسأل عن قائلها فأخبر فأمر برده وقضاء دينه ، فسئل عنه فقيل إنه مات قبل ذلك بشهر ، وقد قال :
خليليّ عوجا ، بارك الله فيكما ، |
|
على البرّة العليا صدور الركائب |
وقولا إذا ما نوّه القوم للقرى : |
|
ألا في سبيل الله يحيى بن طالب! |
قَرْقَسَانُ : بالفتح ثم السكون ، وقاف أخرى مفتوحة ، وسين مهملة ، وآخره نون : موضع.
قَرْقَشَنْدَةُ : قرية بأسفل مصر ولد بها الليث بن سعد بن عبد الرحمن المصري الفقيه مولى بني فهم ثم مولى آل خالد بن ثابت بن طاعن ، وأهل بيته يقولون إن أصله من الفرس من أهل أصبهان ، ولد في سنة ٩٤ ، وتوفي في نصف شعبان سنة ١٧٥ ، قال القضاعي :