من الخوارج وهي بلدهم ودارهم فانتهيت إلى قرية لهم وأنا عليل فرأيت قراح بطّيخ فابتعت واحدة فأكلتها فحممت في الحال ونمت بقيّة يومي وليلتي في قراح البطيخ ما عرض لي أحد بسوء ، وكنت قبل ذلك دخلت القرية فرأيت خيّاطا شيخا في مسجد فسلّمت إليه رزمة ثيابي وقلت : تحفظها لي؟ فقال : دعها في المحراب ، فتركتها ومضيت إلى القراح ، فلما أتيت من الغد عدت إلى المسجد فوجدته مفتوحا ولم أر الخيّاط ووجدت الرزمة بشدّها في المحراب ، فقلت : ما أجهل هذا الخيّاط! ترك ثيابي وحدها وخرج ، ولم أشكّ في أنه قد حملها بالليل إلى بيته وردّها من الغد إلى المسجد ، فجلست أفتحها وأخرج شيئا شيئا منها فإذا أنا بالخياط فقلت له : كيف خلّفت ثيابي؟ فقال : أفقدت منها شيئا؟ قلت : لا ، قال : فما سؤالك؟ قلت : أحببت أن أعلم ، فقال : تركتها البارحة في موضعها ومضيت إلى بيتي ، فأقبلت أخاصمه وهو يضحك ثم قال : أنتم قد تعوّدتم أخلاق الأراذل ونشأتم في بلاد الكفر التي فيها السرقة والخيانة وهذا لا نعرفه ههنا ، لو بقيت ثيابك مكانها إلى أن تبلى ما أخذها غيرك ، ولو مضيت إلى المشرق والمغرب ثم عدت لوجدتها مكانها ، فإنّا لا نعرف لصّا ولا فسادا ولا شيئا مما عندكم ولكن ربما لحقنا في السنين الكثيرة شيء من هذا فنعلم أنه من جهة غريب قد اجتاز بنا فنركب وراءه فلا يفوتنا فندركه ونقتله إما نتأول عليه بكفره وسعيه في الأرض بالفساد فنقتله أو نقطّعه كما نقطّع السّرّاق عندنا من المرفق فلا نرى شيئا من هذا ، قال : وسألت عن سيرة أهل البلد بعد ذلك فإذا الأمر على ما ذكره فإذا هم لا يغلقون أبوابهم بالليل وليس لأكثرهم أبواب وإنما شيء يردّ الوحش والكلاب.
قَزْغُنْد : بالفتح ثم السكون ، وغين معجمة مضمومة ، ونون ساكنة ، ودال مهملة : من قرى سمرقند.
قَزْقَز : بالفتح ثم السكون ، وقاف أخرى ، وزاي ، وهو علم مرتجل : بناحية القرية بها أضاة لبني سنبس ، قال كثيّر :
ردّت عليه الحاجبية بعد ما |
|
خبّ السّفاء بقزقز القريان |
كذا ذكره الحازمي وهو غير محقق فسطرته ليحقق.
قُزْمَانُ : بالضم ، جمع قزم مثل حمل وحملان ، والقزم : الدني الصغير الجثّة من كل شيء من الغنم والجمال والأناسيّ : وهو اسم موضع ، وقال العمراني : بفتح القاف اسم موضع آخر.
قَزْوِينك : هو تصغير قزوين بالفارسية لأن زيادة الكاف في آخر الكلمة دليل التصغير عندهم : وهي قرية من قرى الدّينور.
قَزْوِينُ : بالفتح ثم السكون ، وكسر الواو ، وياء مثناة من تحت ساكنة ، ونون : مدينة مشهورة بينها وبين الرّيّ سبعة وعشرون فرسخا وإلى أبهر اثنا عشر فرسخا ، وهي في الإقليم الرابع ، طولها خمس وسبعون درجة ، وعرضها سبع وثلاثون درجة ، قال ابن الفقيه : أول من استحدثها سابور ذو الأكتاف واستحدث أبهر أيضا ، قال : وحصن قزوين يسمّى كشرين بالفارسية وبينه وبين الديلم جبل كانت ملوك الأرض تجعل فيه رابطة من الأساورة يدفعون الديلم إذا لم يكن بينهم هدنة ويحفظون بلدهم من اللصوص ، وكان عثمان بن عفان ، رضي الله عنه ، ولّى البراء بن عازب الرّيّ في سنة ٢٤ فسار منها إلى أبهر ففتحها ، كما ذكرنا ، ورحل عنها إلى قزوين فأناخ عليها وطلب