أغضب عليه فأرضى عنه كما رضيت عنكم ، قال أبو الحسين : ثم أقبل عليّ حمزة بن عتبة الهاشمي فقال : يا ابن أخي لقد حدثتك والله حديثا لو ركبت فيه إلى العراق لكنت قد اعتفت ، وأما صفته فذكر البشّاري وقال : هو في وسط المسجد الحرام مربع الشكل بابه مرتفع عن الأرض نحو قامة عليه مصراعان ملبسان بصفائح الفضة قد طليت بالذهب مقابلا للمشرق ، وطول المسجد الحرام ثلاثمائة ذراع وسبعون ذراعا ، وعرضه ثلاثمائة وخمسة عشر ذراعا ، وطول الكعبة أربعة وعشرون ذراعا وشبر ، وعرضها ثلاثة وعشرون ذراعا وشبر ، وذرع دور الحجر خمسة وعشرون ذراعا ، وذرع الطواف مائة ذراع وسبعة أذرع ، وسمكها في السماء سبعة وعشرون ذراعا ، والحجر من قبل الشام فيه يقلب الميزاب شبه الأندر قد ألبست حيطانه بالرخام مع أرضه ارتفاعها حقو ويسمونه الحطيم ، والطواف من ورائه ولا يجوز الصلاة إليه ، والحجر الأسود على الركن الشرقي عند الباب على لسان الزاوية في مقدار رأس الإنسان ينحني إليه من قبّله يسيرا ، وقبة زمزم تقابل الباب والطواف بينهما ومن ورائهما قبة الشراب فيها حوض كان يسقى فيه السويق والسكر قديما ، ومقام إبراهيم ، عليه السلام ، بإزاء وسط البيت الذي فيه الباب وهو أقرب إلى البيت من زمزم يدخل في الطواف أيام الموسم ، عليه صندوق حديد طوله أكثر من قامة مكسوّ ويرفع المقام في كل موسم إلى البيت فإذا ردّ جعل عليه صندوق خشب له باب يفتح أوقات الصلاة فإذا سلّم الإمام استلمه ثم أغلق الباب ، وفيه أثر قدم إبراهيم ، عليه السّلام ، مخالفة ، وهو أسود وأكبر من الحجر الأسود ، وقد فرش الطواف بالرمل والمسجد بالحصى وأدير على صحنه أروقة ثلاثة على أعمدة رخام حملها المهدي من الإسكندرية في البحر إلى جدّة ، قال وهب بن منبّه : لما أهبط الله عز وجل آدم ، عليه السّلام ، من الجنة إلى الأرض حزن واشتدّ بكاؤه عليها فعزّاه الله بخيمة من خيامها فجعلها له بمكة في موضع الكعبة قبل أن تكون الكعبة وكانت ياقوتة حمراء ، وقيل درّة مجوّفة من جوهر الجنة فيها قناديل من ذهب ، ونزل معها الركن يومئذ وهو ياقوتة بيضاء وكان كرسيّا لآدم ، فلما كان في زمن الطوفان رفع ومكثت الأرض خرابا ألفي سنة أعني موضع البيت حتى أمر الله نبيّه إبراهيم أن يبنيه فجاءت السكينة كأنها سحابة فيها رأس يتكلم فبنى هو وإسماعيل البيت على ما ظلّلته ولم يجعلا له سقفا وحرس الله آدم والبيت بالملائكة ، فالحرم مقام الملائكة يومئذ ، وقد روي أن خيمة آدم لم تزل منصوبة في مكان البيت إلى أن قبض فلما قبض رفعت فبنى بنوه في موضعها بيتا من الطين والحجارة ثم نسفه الغرق فغيّر مكانه حتى بعث الله إبراهيم ، عليه السّلام ، فحفر قواعده وبناه على ظل الغمامة ، فهو أول بيت وضع للناس كما قال الله عز وجل ، وكان الناس قبله يحجون إلى مكة وإلى موضع البيت حتى بوّأ الله مكانه لإبراهيم لما أراد الله من عمارته وإظهاره دينه وشعائره فلم يزل البيت منذ أهبط آدم إلى الأرض معظّما محرّما تناسخه الأمم والملل أمّة بعد أمّة وملة بعد ملة ، وكانت الملائكة تحجه قبل آدم ، فلما أراد إبراهيم بناءه عرج به إلى السماء فنظر إلى مشارق الأرض ومغاربها وقيل له اختر ، فاختار موضع مكة ، فقالت الملائكة : يا خليل الله اخترت موضع مكة وحرم الله في الأرض ، فبناه وجعل أساسه من سبعة أجبل ، ويقال من خمسة أو من أربعة ، وكانت الملائكة تأتي بالحجارة إلى إبراهيم