قد أنفقت على كل أسطوانة ثماني عشرة مائة ، ثم سقط منه شيء فهدمه الحجاج وبناه ثم سقط بعد ذلك الحائط الذي يلي دار المختار فبناه يوسف بن عمر ، وقال السيد إسماعيل بن محمد الحميري يذكر مسجد الكوفة :
لعمرك! ما من مسجد بعد مسجد |
|
بمكة ظهرا أو مصلّى بيثرب |
بشرق ولا غرب علمنا مكانه |
|
من الأرض معمورا ولا متجنّب |
بأبين فضلا من مصلّى مبارك |
|
بكوفان رحب ذي أواس ومخصب |
مصلّى ، به نوح تأثّل وابتنى |
|
به ذات حيزوم وصدر محنّب |
وفار به التنور ماء وعنده |
|
له قيل أيا نوح في الفلك فاركب |
وباب أمير المؤمنين الذي به |
|
ممرّ أمير المؤمنين المهذّب |
عن مالك بن دينار قال : كان علي بن أبي طالب إذا أشرف على الكوفة قال :
يا حبّذا مقالنا بالكوفة |
|
أرض سواء سهلة معروفه |
تعرفها جمالنا العلوفه |
وقال سفيان بن عيينة : خذوا المناسك عن أهل مكة وخذوا القراءة عن أهل المدينة وخذوا الحلال والحرام عن أهل الكوفة ، ومعما قدّمنا من صفاتها الحميدة فلن تخلو الحسناء من ذامّ ، قال النجاشي يهجو أهلها :
إذا سقى الله قوما صوب غادية |
|
فلا سقى الله أهل الكوفة المطرا |
التاركين على طهر نساءهم ، |
|
والنائكين بشاطي دجلة البقرا |
والسارقين إذا ما جنّ ليلهم ، |
|
والدارسين إذا ما أصبحوا السّورا |
ألق العداوة والبغضاء بينهم |
|
حتى يكونوا لمن عاداهم جزرا |
وأما ظاهر الكوفة فإنها منازل النعمان بن المنذر والحيرة والنجف والخورنق والسدير والغريّان وما هناك من المتنزهات والديرة الكبيرة فقد ذكرت في هذا الكتاب حيث ما اقتضاه ترتيب أسمائها ، ووردت رامة بنت الحسين بن المنقذ بن الطمّاح الكوفة فاستوبلتها فقالت :
ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلة |
|
وبيني وبين الكوفة النّهران؟ |
فإن ينجني منها الذي ساقني لها |
|
فلا بدّ من غمر ومن شنآن |
وأما المسافات فمن الكوفة إلى المدينة نحو عشرين مرحلة ، ومن المدينة إلى مكة نحو عشر مراحل في طريق الجادّة ، ومن الكوفة إلى مكة أقصر من هذا الطريق نحو من ثلاث مراحل لأنه إذا انتهى الحاجّ إلى معدن النّقرة عدل عن المدينة حتى يخرج إلى معدن بني سليم ثم إلى ذات عرق حتى ينتهي إلى مكة ، ومن حفّاظ الكوفة محمد بن العلاء بن كريب الهمداني الكوفي ، سمع بالكوفة عبد الله بن المبارك وعبد الله ابن إدريس وحفص بن غياث ووكيع بن الجرّاح وخلقا غيرهم ، وروى عنه محمد بن يحيى الذّهلي وعبد الله بن يحيى الذهلي وعبد الله بن يحيى بن حنبل وأبو يعلى الموصلي والحسن بن سفيان الثوري وأبو عبد الله البخاري ومسلم بن الحجاج وأبو داود السجستاني وأبو عيسى الترمذي وأبو عبد الرحمن النسائي وابن ماجة القزويني وأبو عروة المراي وخلق سواهم ،