فجلّل ذا عير ووالى رهامه ، |
|
وعن مخمص الحجّاج ليس بناكب |
فحلّت عراه بين نقرى ومنشد ، |
|
وبعّج كلف الحنتم المتراكب |
ليروي صدى داود واللحد دونه ، |
|
وليس صدى تحت التراب بشارب |
فهذا لم يرد العراق الذي هو علم لأرض بابل إنما هو يصف الحجاز وهذه المواضع كلها بالحجاز ، فأراد أن هذا السحاب خرج من البحر يعني بحر القلزم ومرّ بسيف ذلك البحر وسمّاه عراقا اسم جنس ثم وصف كل شيء مرّ به من جبال الحجاز حتى سقى قبر ابنه داود ، وقد صرح بذلك مليح الهذلي فقال :
تربّعت الرياض رياض عمق ، |
|
وحيث تضجّع الهطل الجرور |
مساحلة عراق البحر حتى |
|
رفعن كأنما هنّ القصور |
وقال حمزة : الساحل بالفارسية اسمه إيراه الملك ولذلك سمّوا كورة أردشير خرّه من أرض فارس إيراهستان لقربها من البحر فعرّبت العرب لفظ إيراه بالحاق القاف فقالوا إيراق ، وقال حمزة في الموازنة : وواسطة مملكة الفرس العراق ، والعراق تعريب إيراف ، بالفاء ، ومعناه مغيض الماء وحدور المياه ، وذلك أن دجلة والفرات وتامرّا تنصبّ من نواحي أرمينية وبند من بنود الروم إلى أرض العراق وبها يقرّ قرارها فتسقي بقاعها ، وكانت دارا الملك من أرض العراق إحداهما عبر دجلة والأخرى عبر الفرات وهما بافيل وطوسفون ، فعرّب بافيل على بابل وعلى بابلون أيضا وطوسفون على طيسفون وطيسفونج ، وقيل : سميت بذلك لاستواء أرضها حين خلت من جبال تعلو وأودية تنخفض ، والعراق : الاستواء في كلامهم ، كما قال الشاعر :
سقتم إلى الحقّ معا وساقوا |
|
سياق من ليس له عراق |
أي استواء ، وعرض العراق من جهة خطّ الاستواء أحد وثلاثون جزءا ، وطولها خمسة وسبعون جزءا وثلاثون دقيقة ، وأكثر بلاده عرضا من خط الاستواء عكبران على غربي دجلة ، وعرضها ثلاثة وثلاثون جزءا وثلاثون دقيقة وذلك آخر ما يقع في الإقليم الثالث من العراق ، ومن بعد عكبرا يدخل العراق كله في الإقليم الثالث إلى حلوان ، وعرضها أربعة وثلاثون جزءا ، ومقدار الربع من العراق في الإقليم الرابع دسكرة الملك وجلولاء وقصر شيرين ، وأما الأكثر ففي الثالث ، وأما القادسية ففي الإقليم الثالث ، وطولها من المغرب تسعة وستون جزءا وخمس وعشرون دقيقة ، وعرضها من خطّ الاستواء أحد وثلاثون جزءا وخمس وأربعون دقيقة ، وحلوان والعذيب جميعا من الإقليم الثالث ، وقد خطئ أبو بكر أحمد بن ثابت في جعله العراق وبغداد من الإقليم الرابع ، وأما حدّه فاختلف فيه ، قال بعضهم : العراق هو السواد الذي حدّدناه في بابه ، وهو ظاهر الاشتقاق المذكور آنفا لا معنى له غير ذلك وهو الصحيح عندي ، وذهب آخرون فيما ذكر المدائني فقالوا : حدّه حفر أبي موسى من نجد وما سفل عن ذلك يقال له العراق ، وقال قوم : العراق الطور والجزيرة والعبر والطور ما بين ساتيدما إلى دجلة والفرات ، وقال ابن عياش : البحرين من أرض العراق ، وقال المدائني : عمل العراق من هيت إلى الصين والسند والهند والريّ وخراسان وسجستان وطبرستان إلى الديلم والجبال ، قال :