وأصبهان سنّة العراق ، وإنما قالوا ذلك لأن هذا كلّه كان في أيام بني أميّة يليه والي العراق لا أنه منه ، والعراق هي بابل فقط كما تقدّم ، والعراق أعدل أرض الله هواء وأصحّها مزاجا وماء فلذلك كان أهل العراق هم أهل العقول الصحيحة والآراء الراجحة والشهوات المحمودة والشمائل الظريفة والبراعة في كلّ صناعة مع اعتدال الأعضاء واستواء الأخلاط وسمرة الألوان ، وهم الذين أنضجتهم الأرحام فلم تخرجهم بين أشقر وأصهب وأبرص كالذي يعتري أرحام نساء الصقالبة في الشقرة ، ولم يتجاوز أرحام نسائهم في النّضج إلى الإحراق كالزنج والنوبة والحبشة الذين حلك لونهم ونتن ريحهم وتفلفل شعرهم وفسدت آراؤهم وعقولهم فمن عداهم بين خمير لم ينضج ومجاوز للقدر حتى خرج عن الاعتدال ، قالوا : وليس بالعراق مشات كمشاتي الجبال ولا مصيف كمصيف عمان ولا صواعق كصواعق تهامة ولا دماميل كدماميل الجزيرة ولا جرب كجرب الزنج ولا طواعين كطواعين الشام ولا طحال كطحال البحرين ولا حمّى كحمّى خيبر ولا كزلازل سيراف ولا كحرارات الأهواز ولا كأفاعي سجستان وثعابين مصر وعقارب نصيبين ولا تلوّن هوائها تلوّن هواء مصر ، وهو الهواء الذي لم يجعل الله فيه في أرزاق أهله نصيبا من الرحمة التي نشرها الله بين عباده وبلاده حتى ضارع في ذلك عدن أبين ، قال الله تعالى : وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ، وكل رزق لم يخالط الرحمة وينبت على الغيث لم يثمر إلا الشيء اليسير ، فالمطر فيها معدوم والهواء فيها فاسد ، وإقليم بابل موضع اليتيمة من العقد وواسطة القلادة ومكان اللّبّة من المرأة الحسناء والمحّة من البيضة والنقطة من البركار ، قال عبيد الله الفقير إلى رحمته : وهذا الذي ذكرناه عنهم من أدلّ دليل على أن المراد بالعراق أرض بابل ، ألا تراه قد أفرده عنها بما خصّه به؟ وقال شاعر يذكر العراق :
إلى الله أشكو عبرة قد أظلّت ، |
|
ونفسا إذا ما عزّها الشوق ذلّت |
تحنّ إلى أرض العراق ودونها |
|
تنايف لو تسري بها الريح ظلّت |
والأشعار فيها أكثر من أن تحصى.
عَرَاقِيبُ : جمع عرقوب ، وهو عقب موتر خلف الكعبين ، ومنه قول النبي ، صلّى الله عليه وسلّم : ويل للعراقيب من النار ، والعرقوب من الوادي : منحني فيه وفيه التواء شديد : وهو معدن وقرية ضخمة قرب حمى ضرية للضّباب ، قال :
طمعت بالرّبح فطاحت شاتي |
|
إلى عراقيب المعرقبات |
كان هذا الشاعر قد باع شاة بدرهمين فاحتاج إلى إهاب فباعوه جلدها بدرهمين.
عِرَانٌ : بكسر أوله ، وآخره نون ، وأصله العود يجعل في وترة الأنف وهو الذي يكون للبخاتي ، ويجوز أن يكون جمع العرن ، وهو شجر على هيئة الدّلب يقطع منه خشب القصارين ، والعران : القتال ، والعران : الدار البعيدة ، وعران : موضع قرب اليمامة عند ذي طلوح من ديار باهلة.
العَرَالِسُ : جمع عروس ، وهو يقال للرجل والمرأة ، قال الأزهري : ورأيت بالدّهناء جبالا من نقيان رمالها يقال لها العرائس ، ولم أسمع لها بواحد ، وقال غيره : ذات العرائس أماكن في شق اليمامة