قال : فأخبرت أصحابنا ، فو الله ما شيّعه غيري. كنت معه حين خرج من البلد. وأقام بباب البلد ثلاثة أيّام لإصلاح أمره (١).
وقال محمد بن يعقوب بن الأخرم : لمّا استوطن البخاريّ نيسابور أكثر مسلم الاختلاف إليه ، فلمّا وقع بين الذّهليّ وبين البخاريّ ما وقع ونادى عليه ومنع الناس عنه انقطع أكثرهم غير مسلم.
فقال الذّهليّ يوما : ألا من قال باللّفظ لا يحلّ له أن يحضر مجلسنا. فأخذ مسلم الرّداء فوق عمامته وقام على رءوس النّاس. وبعث إلى الذّهليّ بما كتب عنه على ظهر حمّال (٢). وتبعه في القيام أحمد بن سلمة.
قال محمد بن أبي حاتم : أتى رجل أبا عبد الله ، فقال : إنّ فلانا يكفّرك فقال : قال النّبيّ صلىاللهعليهوسلم : «إذا قال الرجل لأخيه يا كافر ، فقد باء بها أحدهما» (٣).
وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم في كتاب «الجرح والتعديل» (٤) : قدم محمد بن إسماعيل الرّيّ سنة خمسين ومائتين ، وسمع منه : أبي ، وأبو زرعة ، وتركا حديثه عند ما كتب إليهما محمد بن يحيى أنّه أظهر عندهم أنّ لفظه بالقرآن مخلوق.
وقال أحمد بن منصور الشّيرازيّ الحافظ : سمعت بعض أصحابنا يقول : لمّا قدم البخاريّ بخارى نصب له القباب على فرسخ من البلد ، واستقبله عامّة أهل البلد ونثر عليه الدّنانير والدّراهم والسّكّر الكثير ، فبقي أياما ، فكتب محمد بن يحيى الذّهليّ إلى أمير بخارى خالد بن أحمد الذّهليّ : إنّ هذا الرجل قد أظهر خلاف السّنّة. فقرأ كتابه على أهل بخارى ، فقالوا : لا نفارقه. فأمره الأمير بالخروج من البلد ، فخرج (٥).
قال أحمد بن منصور : فحدّثني بعض أصحابنا عن إبراهيم بن معقل
__________________
= فتح الباري ٤٩٢ وفيه : «لتخلصوا».
(١) سير أعلام النبلاء ١٢ / ٤٥٩.
(٢) سير أعلام النبلاء ١٢ / ٤٥٩ ، ٤٦٠ وفيه «جمّال» ، مقدّمة فتح الباري ٤٦٠.
(٣) أخرجه البخاري ١٠ ، ٤٢٨ ، ومسلم (٦٠) ، والترمذي (٣٦٣٧) ، وأبو داود (٤٦٨٧) ، وأحمد في المسند ٢ / ١٨ و ٤٤ و ٤٧ و ٦٠ و ١١٢ من طرق مختلفة.
(٤) ج ٧ / ١٩١ رقم ١٠٨٦.
(٥) سير أعلام النبلاء ١٢ / ٤٦٣ ، مقدّمة فتح الباري ٤٩٤.