النّسفيّ قال : رأيت محمد بن إسماعيل في اليوم الّذي أخرج فيه من بخارى ، فقلت : يا أبا عبد الله كيف ترى هذا اليوم من يوم دخولك؟ فقال : لا أبالي إذا سلم ديني.
فخرج إلى بيكند ، فسار النّاس معه حزبين : حزب له وحزب عليه ، إلى أن كتب إليه أهل سمرقند ، فسألوه أن يقدم عليهم ، فقدم إلى أن وصل بعض قرى سمرقند ، فوقع بين أهل سمرقند فتنة بسببه. قوم يريدون إدخاله البلد ، وقوم يأبون ، إلى أن اتّفقوا على دخوله. فاتّصل به ما وقع بينهم ، فخرج يريد أن يركب ، فلمّا استوى على دابّته قال : اللهمّ جز لي ، ثلاثا ، فسقط ميتا. وحضره أهل سمرقند بأجمعهم (١).
هذه حكاية منقطعة شاذّة.
وقال بكر بن منير بن خليد البخاريّ : بعث الأمير خالد بن أحمد الذّهليّ متولّي بخارى إلى محمد بن إسماعيل أن احمل إليّ كتاب «الجامع» ، «والتّاريخ» ، وغير هما لأسمع منك.
فقال لرسوله : أنا لا أذلّ العلم ، ولا أحمله إلى أبواب النّاس ، فإن كانت له إلى شيء منه حاجة فليحضر في مسجدي أو في داري. فإن لم يعجبه هذا فإنّه سلطان ، فليمنعني من الجلوس ليكون لي عند الله يوم القيامة ، لأنّي لا أكتم العلم. فكان هذا سبب الوحشة بينهما (٢).
وقال أبو بكر بن أبي عمرو البخاريّ : كان سبب منافرة البخاريّ أنّ خالد بن أحمد خليفة الظّاهريّة ببخارى سأله أن يحضر منزله فيقرأ «الجامع» ، «والتّاريخ» على أولاده ، فامتنع ، فراسله بأن يعقد مجلسا خاصّا لهم ، فامتنع ، وقال : لا أخصّ أحدا.
فاستعان عليه بحريث بن أبي الورقاء وغيره ، حتّى تكلّموا في مذهبه ونفاه من البلد ، فدعا عليهم. فلم يأت إلّا شهر حتّى ورد أمر الظّاهريّة بأن ينادى على خالد في البلد. فنودي عليه على أتان. وأمّا حريث فابتلي بأهله ، ورأى فيها ما
__________________
(١) سير أعلام النبلاء ١٢ / ٤٦٣ ، ٤٦٤.
(٢) تاريخ بغداد ٢ / ٣٣ ، تهذيب الكمال ٣ / ١١٧٢ ، سير أعلام النبلاء ١٢ / ٤٦٤ ، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٢ / ٢٣٢ ، ٢٣٣ ، مقدّمة فتح الباري ٤٩٤.