يجلّ عن الوصف ، وأمّا فلان فابتلي بأولاده (١).
رواها الحاكم عن محمد بن العبّاس الضّبّيّ عن أبي بكر هذا.
قلت : كان حريث من كبار فقهاء الرأي ببخارى.
قال محمد بن واصل البيكنديّ : منّ الله علينا بخروج أبي عبد الله ومقامه عندنا حتّى سمعنا منه هذه الكتب ، وإلّا من كان يصل إليه؟ وبمقامه في فربر وبيكند بقيت هذه الأمالي وتخرّج النّاس به (٢).
قال ابن عديّ : سمعت عبد القدّوس بن عبد الجبّار يقول : جاء البخاريّ إلى قرية خرتنك على فرسخين من سمرقند ، وكان له بها أقرباء فنزل عندهم ، فسمعته ليلة يدعو وقد فرغ من صلاة اللّيل : اللهمّ قد ضاقت عليّ الأرض بما رحبت ، فاقبضني إليك. فما تمّ الشّهر حتّى مات ، وقبره بخرتنك.
وقال محمد بن أبي حاتم : سمعت غالب بن جبريل ، وهو الّذي نزل عليه أبو عبد الله ، يقول : أقام أبو عبد الله عندنا أيّاما فمرض ، واشتدّ به المرض حتّى وجّه رسولا إلى سمرقند في إخراج محمد. فلمّا وافى تهيّأ للركوب ، فلبس خفّيه وتعمّم ، فلمّا مشى قدر عشرين خطوة أو نحوها وأنا آخذ بعضده ، ورجل آخر معي يقود الدّابّة ليركبها ، فقال رحمهالله : أرسلوني فقد ضعفت. ودعا (٣) بدعوات ، ثمّ اضطجع ، فقضى رحمهالله ، فسال منه من العرق شيء لا يوصف. فما سكن منه العرق إلى أن أدرجناه في ثيابه. وكان فيما قال لنا وأوصى إلينا أن : كفّنوني في ثلاثة أثواب بيض ليس فيها قميص ولا عمامة. ففعلنا ذلك. فلمّا دفنّاه فاح من تراب قبره رائحة غالية أطيب من المسك ، فدام ذلك أيّاما. ثمّ علت سواريّ بيض في السّماء مستطيلة بحذاء قبره ، فجعل النّاس يختلفون ويتعجّبون. وأمّا التّراب فإنّهم كانوا يرفعون عن القبر ، ولم نكن نقدر على حفظ القبر بالحرّاس (٤) ، وغلبنا على أنفسنا ، فنصبنا على القبر خشبا مشبّكا
__________________
(١) تاريخ بغداد ٢ / ٣٣ ، ٣٤ ، تهذيب الكمال ٣ / ١١٧٢ ، سير أعلام النبلاء ١٢ / ٤٦٥ ، طبقات الشافعية الكبرى للسيوطي ٢ / ٢٣٣ ، مقدّمة فتح الباري ٤٩٤.
(٢) سير أعلام النبلاء ١٢ / ٤٦٥ ، ٤٦٦ وفيه : «بقيت هذه الآثار فيها».
(٣) في الأصل : «دعي» ، وهو غلط.
(٤) الوافي بالوفيات ٢ / ٢٠٨.