وقال أبو حاتم الرّازيّ : محمد بن يحيى إمام أهل زمانه (١).
وقال أبو بكر بن أبي داود : ثنا محمد بن يحيى النّيسابوريّ ، وكان أمير المؤمنين في الحديث (٢).
قال أبو عبد الله الحاكم : سمعت أبا إسحاق المزكّي : سمعت أبا العبّاس الدّغوليّ يقول : سمعت محمد بن يحيى يقول : لمّا رحلت إلى العراق بأبي زكريّا ، يعني ابنه ، صحبني جماعة فسألوني : أيّ حديث عن أحمد بن حنبل أغرب؟ فكنت أقول : إذا دخلنا عليه سألته عن حديث تستفيدونه.
فلمّا دخلنا عليه سألته عن حديث يحيى بن سعيد ، عن عثمان بن غياث ، عن ابن بريدة ، عن يحيى بن يعمر ، حديث الإيمان (٣).
قال : وقد كنت سمعته منه قديما وذكرته عنه ، فقال أحمد : يا أبا عبد الله ليس هذا الحديث عندي ، عن يحيى بن سعيد. فخجلت وسكتّ. فلمّا قمنا أخذ أصحابنا يقولون : إنّه ذكر هذا الحديث غير مرّة ، ثمّ لم يعرفه أحمد. وأنا ساكت لا أجيبهم بشيء. ثمّ قدمنا بغداد ، يعني بعد رجوعهم من البصرة ، فدخلنا على أحمد ، فرحّب بنا وسأل عنّا ، ثمّ قال : أخبرني يا أبا عبد الله أيّ حديث استفدت عن مسدّد ، من حديث يحيى بن سعيد؟
فقلت : حديث عثمان بن غياث في الإيمان.
فقال أحمد : ثناه يحيى بن سعيد ، عن عثمان بن غياث. ثمّ أخرج كتابه فأملى علينا. فسكت محمد بن يحيى ولم يقل : إنّا سألناك عنه. وتعجّب أصحاب محمد بن يحيى من صبره عليه.
قال : فأخبر أحمد أنّه كان سأله عن الحديث قبل خروجه إلى البصرة ، فكان أحمد إذا ذكره يقول : محمد بن يحيى العاقل (٤).
قال الحاكم : وحدّثني أبو سعيد المؤذّن : سمعت زنجويه بن محمد :
__________________
(١) تاريخ بغداد ٣ / ٤١٨.
(٢) تاريخ بغداد ٣ / ٤١٩.
(٣) وهو أول أحاديث الأربعين النوويّة ، وأوله : «بينا نحن عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، إذ أقبل رجل شديد بياض الثياب ، شديد سواد الشعر ...» ، والحديث أخرجه : مسلم (٨ / ٣) وأبو داود (٤٦٩٥) والنسائي ٨ / ٩٧ ، والترمذي (٢٦١٠).
(٤) سير أعلام النبلاء ١٢ / ٢٧٨ ، ٢٧٩.