الفاكهة وإيناعها ، والإحساس بالحواس ؛ فإنه متى قرن [الإدراك] بالبصر لم يفهم منه إلا الرؤية بدليل أنه لا يجوز أن يثبت بأحد اللفظين وينفى بالآخر ، فلا يجوز أن تقول (١) : أدركت ببصري شخصا وما رأيته بعيني ، ولا أن يقال : رأيته بعيني وما أدركته ببصري ، بل يعدّ من قال ذلك مناقضا في كلامه ، جاريا في المعنى مجرى من يقول رأيته وما رأيته وأدركته وما أدركته. فثبت أنّ إدراك الأبصار هو رؤيتها. وإنما قلنا : بأنّ كلّما تمدّح الله تعالى بنفيه فإثباته نقص ؛ لأنه لا يخلو أن يكون كمالا أولا ، بل يكون نقصا ، أو لا نقصا ولا كمالا ، ولا يجوز أن يكون لا كمالا ولا نقصا ؛ لأنه يكون عبثا لا فائدة فيه. ومثله لا يرد في خطاب الحكيم تعالى. ولا يجوز أن يكون كمالا (٢) ؛ لأن الحكيم لا يتمدح بنفي الكمال عن نفسه ، فلم يبق إلا أن يكون نقصا. وإنما قلنا : بأن النقص لا يجوز عليه تعالى في الدنيا ولا في الآخرة ؛ لأن ذلك مما أجمع عليه المسلمون ، ودان به المؤمنون. والحقّ ما أجمعت عليه الأمّة. فثبت أنه تعالى لا يرى في الدنيا ولا في الآخرة ، وبطل ما ذهب إليه المخالفون بحمد الله ومنّه.
وأما الموضع الثالث : وهو في إيراد ما يتعلق به المخالفون من الآيات والأخبار المتشابهة في القول بالرؤية لله تعالى فاحتجوا على أنه (٣) تعالى يرى ـ بأشياء : منها : قوله تعالى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ* إِلى رَبِّها
__________________
(١) في (ب) و (ج) و (د) : أن يقال.
(٢) نفي الإدراك.
(٣) في (ب) و (ج) : بأنه.