وجوه يوم بدر ناظرات |
|
إلى الرحمن يأتي بالخلاص |
أي منتظرة ، وذلك يبطل قول من قال : إنّ النّظر إذا علّق بالوجه لم يكن بمعنى الانتظار ، ومما يبطل ذلك أيضا قول البعيث :
وجوه بها ليل (١) الحجاز على النّوى |
|
إلى ملك ركن المعارف ناظرة (٢) |
أي منتظرة لمعروفه على النوى وهو البعد. وإذا ثبت ذلك قلنا في الصحيح من معنى الآية : إنّ قوله تعالى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ) : يومئذ يعني يوم القيامة ، ناضرة ، أي مشرقة حسنة جميلة ، (إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) : يعني ناظرة إلى ثواب ربها ، ومنتظرة لما يأتي منه (٣) ، وعليه يدلّ قول الله تعالى : (فَناظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ) [النمل : ٣٥] ، أي منتظرة. وقوله تعالى : (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ) أي عابسة مكتئبة ، (تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ) أي داهية عظيمة.
[المروي عن الصحابة] (٤)
وأما المروي عن الصحابة. فروي عن أمير المؤمنين علي عليهالسلام أنّ معنى قوله : (إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) ، قال : إلى ثواب ربها. ومثله عن السدي ، وعن سعيد
__________________
(١) البهلول : السيد الجامع لكل خير. [القاموس ١٢٥٣].
(٢) وجوه مبتدأ ، وناظرة خبره ، وركن خبر مبتدإ محذوف تقديره هو ركن المعارف ، والجملة من المبتدإ والخبر صفة لملك. ويعاب على هذا البيت بالتعقيد المعنوي.
(٣) غريب القرآن ص ٣٥٩. والكشاف ٤ / ٦٦٢ ، وتمثل بقول الشاعر :
وإذا نظرت إليك من ملك |
|
والبحر دونك زدتني نعما |
والطبرسي مج ١٠ ج ٢٩ ص ١٩٨. والدر المصون ١٠ / ٥٧٦.
(٤) المغني ٤ / ٢٢٩.