ابن المسيب أنه قال : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ) قال : ناضرة من النعيم (١). (إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) بمعنى تنتظر ثواب ربها ، ولا يرى الله أحد ، وهو المروي عن عبد الله بن العباس فإنه قال في قوله : (إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) ، أي منتظرة لما يأتيها من ثواب ربها ، فأمّا الله تعالى فلم يره أحد ولا يراه أحد ، ومثله عن مجاهد (٢) ، ومثله عن الحسن (٣). قال أبو هاشم [الجبّائي] والمعنيان مراد (٤) بالآية فكأنه قال : تنظر إلى ثواب الله وتنتظر ثوابا ، فتكون فيه زيادة النعمة والرحمة. وروي عن الضحاك : أنّ عبد الله بن العباس رحمهالله خرج ذات يوم فإذا هو برجل يدعو ربّه شاخصا إلى السماء رافعا يده فوق رأسه ، فقال ابن عباس : ادع بإصبعك اليمنى ، وشدّ بيدك اليسرى ، واخفض بصرك ، واكفف يدك لن تراه ولن تناله. فقال الرجل : ولا في الآخرة؟ قال : نعم ، ولا في الآخرة. قال الرجل : فما قول الله : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ* إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) فقال ابن عباس : أليس يقول : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ) ، ثم قال : إنّ أولياء الله تنضر (٥) وجوههم يوم القيامة ، وهو الإشراق ، ثم ينظرون إلى ربهم ، معناه ينتظرون متى يأذن (٦) لهم في دخول الجنة بعد الفراغ من الحساب. ثم قال : (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ) يعني كالحة ، (تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ) قال : يتوقعون العذاب بعد العذاب ، كذلك قوله : (إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) ينتظر أهل الجنة الثواب بعد
__________________
(١) الطبرسي ١٠ / ١٨٩.
(٢) تفسير الماوردي ٦ / ١٥٦. والدر المنثور ٦ / ٤٧٦. والطبري مج ١٤ ج ٢٩ ص ٢٣٩.
(٣) انظر المارودي ٦ / ٤٧٦.
(٤) في (ب) : مرادان ، وهو الأولى ليطابق المبتدأ.
(٥) أي تحسن ، وفي (ب) : تنضّر أي تنعّم.
(٦) في (ب) : يؤذن.