الزيادة ليس هي الرؤية ، يزيد ذلك بيانا ما روى عن جابر عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : «من لقي الله يشرك به شيئا دخل النار» (١). وعن ابن مسعود عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : «من حلف على يمين كاذبة ليقطع بها مال أخيه لقي الله وهو عليه غضبان» (٢) ، فلو كان اللقاء حقيقة في الرؤية لكان ذلك دليلا على جواز رؤية المشركين والمجرمين لله رب العالمين ، والقوم لا يقولون به ، فبطل قولهم.
وأمّا معنى اللقاء في الآية فهو اللقاء لأمر الله ، والرجوع إلى الموضع الذي يقع فيه الحكم له ، ولقاء جزائه على ما ذكره المفسرون (٣)
وأما استدلالهم بالخبر عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في قوله : «إنّكم سترون ربّكم يوم القيامة كالقمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته» ، وقولهم : إنه يدل على الرؤية.
فالجواب عن ذلك من وجوه : منها أن هذا الخبر من أخبار الآحاد ، وهي لا توصل إلّا إلى الظن فقط متى تكاملت شرائطها. ومسألة الرؤية من مسائل أصول الدّين فلا يجوز أن يؤخذ فيها بأخبار الآحاد ؛ لأن الواجب في مسائل أصول الدين هو المصير إلى العلم من حيث إن مدارها على الاعتقاد الذي لا يحسن إلّا متى كان علما مقتضيا لسكون النّفس ، وخبر الواحد لا يوجب العلم فلم يجز الأخذ به. ومنها أنّ الصحابة أجمعت على اطّراح أخبار الآحاد متى عارضت الكتاب والسنة المعلومة ؛ ولهذا فإنّ فاطمة ابنة قيس لمّا طلّقها
__________________
(١) ينظر أحمد بن حنبل ٥ / ١٦٩ برقم ١٥٠٢٠.
(٢) رواه الإمام القاسم في الاعتصام ٤ / ٢٧٧ ، والبخاري ٢ / ٨٣١ برقم ٢٢٢٩ ، أخرجه مسلم في الإيمان ١ / ١٢٣ برقم ١٣٨.
(٣) ينظر المارودي ٣ / ٣٥٠. وغريب القرآن للإمام زيد ص ١٩٨. ومجمع البيان للطبرسي مج ٦ ج ١٦ ص ٣٩٥. والطبري مج ٩ ج ١٦ ص ٥٠.