زوجها طلاقا بائنا ـ وروت أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يقض لها بنفقة ولا سكنى ـ ردّ عمر بن الخطاب خبرها بمحضر من الصحابة ، وقال : لا ندع كتاب ربّنا وسنّة نبيّنا لخبر امرأة (١). والأمر في ذلك ظاهر ولا شبهة في كون هذا الخبر معارضا لكتاب الله تعالى وهو قوله : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ) ، وقوله تعالى لموسى عليهالسلام : (لَنْ تَرانِي). ومنها أنّ هذا الخبر معارض لسنّة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فإنها قاضية بأنه تعالى لا يرى وقد قدّمنا طرفا منها. وهو معارض أيضا لأدلّة العقول القاضية بأنه تعالى لا يرى. وهو معارض أيضا لإجماع العترة ؛ فإنّهم مجمعون على أنه تعالى لا يرى. وهو معارض لإجماع المسلمين من الصحابة والتابعين وإجماعهم حجّة (٢). فيجب فيما عارض هذه الأدلة مما هو مظنون أن يطرح ويلغى حكمه ، إلا أن يمكن تأويله على الوجه المطابق لهذه الأدلة ، فذلك هو الواجب حفظا لكلام الرسول عليهالسلام عن الإهمال (٣) وإبطال الفائدة فيه. ومنها أنّ أخبار الآحاد لا يجوز الأخذ بها (٤) والعمل عليها إلا متى تكاملت شرائطها وهي ثلاث : إحداها أن يكون الراوي عدلا ضابطا ؛ لأنّ رواية غير العدل
__________________
(١) أخرجه مسلم ٢ / ١١١٨ كتاب الطلاق رقم ٤٦. والترمذي ٣ / ٤٨٤ رقم ١١٨٠. وأبو داود ٢ / ٧١٨ برقم ٢٢٩١. والنسائي ٦ / ٢٠٩.
(٢) في دعوى الإجماع نظر فإن كان المراد بالرؤية في الدنيا فيصح دعوى الإجماع ، ولا عبرة بالقول الشاذ في تجويز الرؤية في الدنيا ، وأما في الآخرة فالاختلاف بين المسلمين من قديم الزمان طويل عريض ، فيمكن الاحتجاج لنفي الرؤية بالعقل ومحكم القرآن ، وإجماع العترة ، ولا سيما في الثلاثة القرون الأوّل ، وكون أحاديث الرؤية ظنية ، أما لو وجد إجماع لما وجد خلاف ، والله أعلم.
(٣) في (ب) : من الإهمال.
(٤) في (ب) : ولا.