العباد الوجوه التي وقعت بها المضاهاة بينهم وبين المجوس (١) ؛ فصح بذلك ما ذكرناه. الوصف الثاني : أنه وصفهم بأنهم شهود إبليس وخصماء الرحمن وهذا لا يوجد إلا في المجبرة ؛ لأنهم يحملون أوزارهم على الله ، ويشهدون أنها فعله. يوضّح ذلك ما روي عن الحسن البصري أنّه قدم رجل من فارس على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال (٢) : رأيتهم ينكحون أمهاتهم وأخواتهم وبناتهم ، فإذا قيل لهم : لم تفعلون هذا؟ قالوا : قضاء الله وقدره. فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أما إنه سيكون في أمتي قوم يقولون مثله. أولئك مجوس هذه الأمة» (٣). ولا شك أنّ ذلك مذهب المجبرة.
وعن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : السّعيد من سعد بعمله ، والشقيّ من شقي بعمله» (٤). وعنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : «ما هلكت أمّة حتى يكون الجبر قولهم». وروي عن الحسن البصري أنه تلى قوله تعالى : (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ) [الزمر : ٦٠] ، فقال : هم المجوس واليهود والنصارى وناس من هذه الأمة زعموا أنّ الله قدّر عليهم المعاصي ، وعذّبهم عليها ، والله يسوّد وجوههم لذلك (٥).
وعن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : إذا كان يوم القيامة يجمع الله الخلائق في صعيد واحد ، فينادى مناد من بطنان (٦) العرش ، ألا كلّ من برّأ الله من ذنبه ، وألزمه نفسه ، فليدخل الجنّة آمنا غير خائف.
__________________
(١) لأن المجوس ينكحون بناتهم وأمهاتهم ، ويقولون : إنه بقضاء الله وقدره. الشافي ٢ / ٣.
(٢) في (ب) : قال.
(٣) أخرجه جعفر بن أحمد بن عبد السّلام في خلاصة الفوائد : ٣٢.
(٤) ثم السعيد من يسعد بقضاء الله وفي بطن أمه». في الأوسط للطبراني ٨ / ٢٢٣.
(٥) الخلاصة للقاضي جعفر ص ١٢٨.
(٦) بطنان الشيء وسطه. القاموس ص ١٥٢٤.