ونحو ما روي عن ابن عمر عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : لا تجالسوا أهل القدر ، ولا تفاتحوهم الكلام» (١). وعن ابن عباس أنه قال : لأن يمتلئ بيتي قردة وخنازير (٢) أحبّ إليّ من أن يمتلئ قدرية». وعنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : «القدرية شهود إبليس وخصماء الرحمن» (٣).
وروينا عن السيد الإمام أبي طالب عليهالسلام أنه روى بإسناده عن الحسن رضي الله عنه أنه قال : إذا كان يوم القيامة دعي إبليس وقال (٤) له : ما حملك على أن لا تسجد لآدم؟ فيقول : يا رب أنت حلت بيني وبين ذلك ، فيقال (٥) له : كذبت. فيقول : إنّ لي شهودا ، فينادي أين القدرية شهود إبليس وخصماء الرحمن؟ فيقوم طوائف من هذه الأمة ، فيخرج من أفواههم دخان أسود ، فيطبّق وجوههم فتسودّ (٦).
وذلك قول الله تعالى : (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ) [الزمر : ٦٠]. وإذا تبيّن ذلك قلنا : إن القدرية هم المجبرة المستحقّون لما تضمنته هذه الأخبار من الذم والنار ؛ لما قدمنا من الدلالة على أنّ القدرية هي المجبرة ؛ ولأنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وصف القدرية بوصفين لا يوجدان إلا في المجبرة : أحدهما : أنه قال : هم مجوس هذه الأمة ، وقد بينا في كتاب إرشاد
__________________
(١) أخرجه الحاكم ١ / ١٥٩ ، أبو داود في السنن ٥ / ٨٤ برقم ٤٧١٠ ، أحمد بن حنبل ١ / ٧٣ برقم ٢٠٦ ، والبيهقي في السنن ١٠ / ٢٠٤.
(٢) في (ب) : خنازير وقردة.
(٣) الشافي ج ٢ ص ٣. والقرطبي ١٠ / ١٩٨.
(٤) في (ب) : وقيل ، وفي (ج) : يقال :
(٥) في (ب) : فيقول.
(٦) البالغ المدرك ص ١٠٠. ورواه الهيثمي ٧ / ٢٠٦ بألفاظ مقاربة.