فمن ذلك قوله تعالى (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) [البقرة : ٧] الختم نكتة سوداء يجعلها في قلب من يعلم أنه لا يؤمن علامة للملائكة. وقيل : تشبيه بمن ختم عليه كقوله : (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ) [البقرة : ١٨] وكما قال الشاعر :
أصمّ عمّا ساءه سميع.
وقال :
لقد أسمعت لو ناديت حيّا |
|
ولكن لا حياة لمن تنادي |
ومعناه أنّ الكفر تمكّن في قلوبهم فصارت كالمختوم عليها (١). وقيل :(خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ) أي حكم عليهم وشهد بأنّ قلوبهم لا تقبل الحق. وهو ثابت في اللغة ، ومن ذلك ختمت عليك أنّك لا تفلح ، أي شهدت عليك (٢) ، وهو شائع في اللغة. فإن أهل اللغة قد يحذفون ألف الاستفهام كما قال شاعرهم (٣) :
[فو الله ما أدري وإني لحاسب] |
|
بسبع رمين الجمر أم بثمان |
ومن ذلك قوله تعالى : (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللهُ مَرَضاً) [البقرة : ١٠] معناه في قلوبهم شكّ فزادهم الله بما أنزل من الآيات والحجج شكّا
__________________
(١) مجمع البيان مج ١ ج ١ ص ٩٦.
(٢) في (ب) : وقيل : استفهام بحذف ألف الاستفهام وهو شائع في اللغة. وقال في هامش الأصل : هنا ساقط قدر نصف سطر ويمكن أن يكون ما لفظه : وقيل : وهو على حذف أداة تمت. كأنه يريد أداة الاستفهام يؤيده ما هو ثابت في (ب). ينظر متشابه القرآن ١ / ٥١.
(٣) هو عمر بن أبي ربيعة ، فقد ذكر عجز البيت وفيه رميت. ديوانه ٧٣.