البعث بالأمر والنهي على ما لا يمكن قبيح جريا على قول المجبرة : إن التكليف هو الأمر والنهي ، ومخالفة لمن أجاز منهم تكليف ما لا يطاق بهذا المعنى الذي ذكرناه (١).
والذي يدل على قبح تكليف ما لا يطاق بهذا المعنى أنّه يعلم باضطرار قبح تكليف الأعمى بنقط المصاحف ، ومن لا جناح له بالطيران ونحو ذلك ؛ ولهذا يشترك العقلاء في العلم بقبح ذلك ، ويعدّون من طلب ذلك من الغير أو أمر به (٢) ضعيف العقل ويذمّونه على ذلك ، وليس ذلك إلّا لعلمهم بقبح ما ذكرناه ، وإنما قبح ذلك لكونه تكليفا لما لا يطاق ، بدليل أنّ الحكم الذي هو القبح يثبت بثبوت ما ذكرناه ، وينتفي بانتفائه وليس هناك (٣) ما تعليق الحكم به أولى. وقد شاركه تكليف الكافر الإيمان ـ والحال هذه ـ في كونه تكليفا لما لا يطاق كما تقدم ، فيجب أن يشاركه في كونه قبيحا ؛ لأنّ الاشتراك في العلّة يوجب الاشتراك في الحكم. وقد بيّنّا في ما تقدم أنه لا يجوز ثبوت وجه القبح مع انتفاء القبح ، وبيّنّا أنّ القبيح يقبح (٤) من أي فاعل وقع منه. وقد ثبت أنه تعالى لا يفعل القبيح ، فثبت أنّ القدرة لو كانت موجبة لمقدورها وغير متقدّمة عليه لما كلّف الله تعالى الكافر الإيمان.
__________________
(١) في (ب) : ذكرنا.
(٢) في (ب) : وأمر به.
(٣) في (ب) هنالك.
(٤) في (ب) : أن القبح يقبح.