جهل بن هشام وغيره ، ومعلوم خلاف ذلك. وقد اعترضوا بوجهين (١) : أحدهما ـ أن قالوا : إن هذا التكليف عبث فيجب أن يكون قبيحا. والجواب أنّا قد قدمنا أنه فعل لغرض ، وأنّ فيه فائدة عظمى فبطل قولهم : إنه عبث.
الوجه الثاني أن قالوا : إنّ الكافر لا يقدر على الإيمان ، فتكليفه الإيمان في حال كفره يكون تكليفا بما لا يطاق. والجواب أنّا قد بينا في مسألة الاستطاعة أنّ الكافر قادر على الإيمان في حال كفره. فبطل قولهم : إنه يكون تكليف ما لا يطاق. وعلى هذا النّسق يكون الجواب لهم عما يعترضون به.
واما الموضع الخامس : وهو في شروط حسن التكليف
فله شروط : منها ما يرجع إلى التكليف في نفسه وهو شرطان : أحدهما أن لا يكون مفسدة ؛ لأن المفسدة قبيحة. وهو تعالى لا يفعل القبيح. والثاني أن يتقدم التكليف على وقت الفعل بأوقات يتمكّن المكلّف فيها من الإتيان بالفعل ؛ لأنه لو لم يكن كذلك لكان التكليف به تكليفا لما لا يمكن وهو قبيح. وهو تعالى لا يفعله كما تقدم. ومنها شرطان يرجعان إلى ما يتناوله التكليف : أحدهما لا يكون مستحيلا في نفسه ؛ لأن التكليف بما هذه حاله قبيح من حيث إنه تكليف لما لا يمكن ، وهو تعالى لا يفعل القبيح كما تقدم. والثاني ما يتناوله التكليف على صفة الوجوب أو الندب (٢) إن كان فعلا. وإن كان تركا وجب أن يكون الفعل قبيحا. أو الأولى (٣) أن لا يفعل لما بيّنّاه من الدلالة على حسن التّكليف على العموم. ومنها ما يرجع إلى المكلّف
__________________
(١) في (ب) ، (ج) : بوجهين آخرين.
(٢) في هامش (ب) : بعد لفظ الندب ، وهو أن يكون حسنا ، ورمز بظن. والظاهر أنه مناسب لمقابلة قبيحا الآتية.
(٣) في (ب) و (ج) : والأولى.