نادى مناد : أنا الملك الديّان لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة وعليه لأحد من أهل النار مظلمة ، ولا ينبغي لأحد من أهل النار أن يدخل النار وعليه لأحد من أهل الجنة مظلمة» (١). وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إن العصفور ليأتي يوم القيامة له دويّ تحت العرش ، فيقول : رب سل فلانا بم قتلني» (٢) ، إلى غير ذلك من الأخبار.
وأما الإجماع فذلك مما لا خلاف فيه بين المسلمين ، وثبت بذلك الموضع الرابع وهو في (٣) أن الله تعالى ينتصف للمظلومين من الظالمين.
وأما الموضع الخامس : وهو في كيفية الانتصاف فذهبت العدلية إلى أن المقاصّة تكون بالأعواض المستحقة على الآلام وهو الصحيح. وذهبت المجبرة إلى أن المقاصة تكون بالثواب إن كان للظالم ثوابا أعطي المظلوم منه ، وإن لم يكن أخذ من عقاب المظلوم فجعل على الظالم وعوقب به. وقولهم باطل أما ما ذكروه من توفير ثواب الظالم على المظلوم فغير صحيح ؛ لأن الثواب إنما يستحق على فعل ما كلف المكلف فعله ، أو ترك ما كلف تركه ، فلا يجوز أن يوفر ثواب الطاعات على من لم يفعلها ؛ ولقول الله سبحانه : (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) [النجم : ٣٩].
وأما ما ذكروه من نقل عقاب المظلوم إلى الظالم فغير صحيح أيضا لما بينا أنه تعالى لا يعاقب أحدا إلا بذنبه ، وما فعله الظالم بالمظلوم من الظلم يجب فيه
__________________
(١) أحمد بن حنبل ٢ / ٤٢٩ رقم ١٦٠٤٢ بما يوافق ذلك.
(٢) أخرجه النسائي ٧ / ٢٣٩ برقم ٤٤٤٦ بلفظ : «من قتل عصفورا عبثا عجّ إلى الله عزوجل يوم القيامة يقول : يا رب إن فلانا قتلني عبثا ولم يقتلني لمنفعة». وابن حبان في صحيحه ٧ / ٥٥٦. والطبراني في الكبير ٧ / ٣١٧ رقم ٧٢٤٥ ، ٧٢٤٦. وأحمد بن حنبل ٧ / ١٢٠ رقم ١٩٤٨٧ ، عن الشريد بن سويد الثقفي. وفي (ب) يا رب.
(٣) في (ب) و (ه) بدون في.