قدّامه وخلفه ، حتّى ستر عورته.
ومنها ما رويناه عن (١) فاطمة امرأة من بني سلامة لمّا مرّت بزيد وهو مصلوب بغير لحاف حلّت خمارها عن رأسها ثمّ رمت به على عورته ؛ فاستدار الخمار حتى انعقد في وسطه ، وهم ينظرون فصعدوا فحلوه ؛ فاسترخت سرّته حتى غطّت عورته ؛ فمضوا يعني الحرس إلى يوسف بن عمر (٢) والي هشام بن عبد الملك ـ لعنهم الله ـ فأخبروه فقال : امضوا فأحرقوه ؛ فإذا صار مادا فاذروه في الفرات (٣) إلى غير ذلك من كراماته. وقد ذكرنا طرفا منها في كتاب الإرشاد.
__________________
(١) في (ب) و (ج) : ما روينا أنّ.
(٢) هو يوسف بن عمر بن محمد بن الحكم أبو يعقوب ، الثقفي أمير من جبابرة الولاة في العهد الأموي. كانت منازل أهله في البلقاء بشرقي الأردن ، وولي اليمن لهشام بن عبد الملك سنة ١٠٦ ه ثم نقله هشام إلى ولاية العراق سنة ١٢١ ه ، وأضاف إليه إمرة خراسان ؛ فاستخلف ابنه الصلت على اليمن ، ودخل العراق ، وعاصمته يومئذ الكوفة فقام بها ثم قتل سلفه في الإمارة خالد بن عبد الله القسري تحت العذاب. واستمر إلى أيام يزيد ابن الوليد فعزله يزيد في أواخر سنة ١٢٦ ه ، وقبض عليه وحبسه في دمشق إلى أن أرسل إليه يزيد بن خالد القسري من قتله في السجن بثأر أبيه سنة ١٢٧ ه. وكان يسلك سبيل الحجاج في الأخذ بالشدة والعنف ، وكان يضرب به المثل في التيه والحمق ، يقال : أتيه من أحمق ثقيف ، قال الذهبي : كان مهيبا جبارا ظلوما. ينظر الأعلام ٨ / ٢٤٣ ، وسير أعلام النبلاء ٥ / ٤٤٢.
(٣) أنظر الطبري ٧ / ١٨٩. ومقاتل الطالبيين ص ١٤٤. وما رواه ابن عساكر ١٩ / ٤٧١ قال : بعث هشام إليه فقتلوه فقال الموكل بخشبته : رأيت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في النوم وقد وقف على الخشبة ، وقال : هكذا تصنعون بولدي من بعدي ، يا بني ، يا زيد ، قتلوك قتلهم الله ، صلبوك صلبهم الله ، فخرج هذا في الناس ، وكتب يوسف بن عمر إلى هشام أن عجل إلى العراق فقد فتنهم ، فكتب إليه : أحرقه بالنار ، فأحرقه. وفي المقاتل ص ١٤٣ : فلما ظهر يحيى بن زيد كتب الوليد إلى يوسف : أما بعد ، فإذا أتاك كتابي هذا فانظر عجل أهل العراق فاحرقه وانسفه في اليم نسفا.