عنه. ولا شك ولا إشكال في بلوغه حدّ التواتر وحصول العلم به. والأمّة بين محتجّ به على الإمامة ، ومتأوّل فيه ، إلا من كابر وركب متن العناد. وقد تنكّبنا طريق رواية العترة (ع) ، وشيعتهم الهداة الأعلام لهذا الخبر ؛ لأنا أردنا إلزام الحجة للمخالفين بما رواه علماؤهم ، وشهد بصحته كتب الصحاح ، وإلّا فرواية العترة وشيعتهم فوق ما حكيناه عن غيرهم ؛ لأنهم أهل هذا الشأن ، وهم أهل الجري في هذا الميدان ، فهذا هو الكلام في الموضع الأول وهو الكلام في صحة هذا الخبر في نفسه.
وأما الموضع الثاني : وهو أنّه يفيد معنى الإمامة ، فما ورد في هذا الخبر بلفظ الولي ؛ فالذي يدل على أنه يفيد معنى الإمامة مثل ما قدمناه (١) في لفظ ولي في الآية فلا فائدة في التكرار.
وأما ما ورد بلفظ مولى ، فاعلم أن أكثر ما قيل أو وجد في لفظة مولى : إنها تحتمل عشرة معان (٢) أوّلها : الأولى وذلك ثابت في اللغة لا ينكر ذلك من له أدنى مسكة من معرفة ، وقد ذكر ذلك أبو عبيدة معمر بن المثنى (٣) في تفسير قوله : (فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) [الحديد : ١٥] ، قال : معنى مولاكم : أي هي
__________________
(١) في (ب) ، (ج) : قدمنا.
(٢) ينظر المعنى اللغوي لكلمة (مولى) في اللغة : الأضداد ص ٤٦ للأنباري فقد ذكر جميع ما استشهد به الأمير من الأشعار. والعمدة لابن البطريق ص ١٥٨.
(٣) التيمي بالولاء ، ولد بالبصرة سنة ١١٠. أديب لغوي ، نحوي ، عالم بالبعيد والقريب والأخبار. ت ٢٠٩ ه. وله معاني القرآن ، ونقائض جرير والفرزدق ، ومقاتل الفرسان. ينظر في ترجمته تارخ بغداد ١٣ / ٢٥٢. ووفيات الأعيان ٢ / ١٠٥. ومعجم المؤلفين ٣ / ٩٠١.