صلىاللهعليهوآلهوسلم لعلي عليهالسلام : «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي» (١) ؛ فلمّا استثنى النبوة عرفنا أنه لو لم يستثنها لدخلت في غرضه بالخطاب ؛ فدل على أنه دخل في غرضه كلّ ما عداها. ومن جملة ذلك ملك التصرف على الأمة ؛ فإنه لا خلاف بين الأمة في (٢) أن هارون لو بقي بعد موسى لكان هو المالك للتصرف على أمته ، فيجب ثبوت ذلك لعلي عليهالسلام وذلك هو معنى الإمامة ، فإنا لا نعنى بقولنا : فلان إمام إلّا أنه يملك التصرف على الكافّة ، كما تقدم في أمور مخصوصة ، وتنفيذ أحكام معلومة ، وهذا واضح.
وجه ثالث : مما يدل على إمامته عليهالسلام وهو أنّ خبر المنزلة وخبر الغدير جميعا يدل كل واحد منهما على ثبوت عصمته (٣) ، والقطع على مغيّبه ، (٤) ووجوب موالاته ، وتحريم معاداته ، وكونه أفضل الأمّة بعد رسولها صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ فلهذا قلنا : إن عليّا عليهالسلام أولى بالإمامة من سائر الصحابة (رض) لوجهين : أحدهما : أنه أفضل الصحابة بمقتضى هذين الخبرين ؛ ولخبر الطير (٥). والإمامة لا تكون (٦) إلا للأفضل ؛ لإجماع الصحابة (رض) على ذلك
__________________
(١) ورد بألفاظ كثيرة. فينظر الأحكام ١ / ٣٨ للهادي. والأمالي الصغرى ص ١٠٤. والبخاري ٣ / ١٣٥٩ رقم ٣٥٠٣ ، ورقم ٤١٥٤. ومسلم ٤ / ١٨٧٠ رقم ٢٤٠٤. والطبراني في الأوسط ٣ / ١٣٨ برقم ٢٧٢٨. ٥ / ٢٨٧ برقم ٥٣٣٥ ، وغيرها. والترمذي ٥ / ٥٩٩ برقم ٣٧٣٠ ـ ٣٧٣١. وأحمد بن حنبل ١ / ٣٩١ رقم ١٦٠٨ ، ١٠ / ٤١٢ رقم ٢٧٥٣٧. وهو متواتر.
(٢) في (ب) : بدون في.
(٣) أي إيمانه وصلاحه في الباطن مثل الظاهر. وهذا هو معنى العصمة.
(٤) في بعض النسخ على تعيينه.
(٥) سيأتي تخريجه في موضعه.
(٦) في (ب) لا تصح.