وإجماعهم حجة. الوجه الثاني : أنه قد ثبت بمقتضى هذين الخبرين وجوب عصمته ، ووجوب موالاته ، وتحريم معاداته ، والقطع على مغيّبه ؛ فوجب أن يكون أولى بالإمامة ؛ لأن الإسلام والعدالة معتبران في الإمامة بالإجماع ، وهما معلومان فيمن ثبتت عصمته دون من لم تثبت عصمته ، فلا يجوز العدول عمن علم إسلامه إلى من لم يعلم ذلك من حاله ، كما لا يجوز العدول إلى الاجتهاد مع وجود النص ، أو الإجماع (١) المعلوم ، فوجب أن يكون أحقّ الخلق بالتصرف في الأمة بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ومما يدل على أنه أفضل الصحابة طرّا (٢) قول الله سبحانه وتعالى : (وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً) [النساء : ٩٥] ، وظاهره يقتضي تفضيله عليهم ؛ إذ المعلوم من حاله أن عناه (٣) في الجهاد كان أعظم من عنايتهم (٤) جميعا ، ولا خلاف أنّ الخلفاء الأربعة أفضل من غيرهم ، إلّا أنّ المعلوم أن غنا أمير المؤمنين لم يكن كغنائهم (٥) ، ولا كان جهادهم كجهاده ، ولا تأثير أبي بكر وعمر كتأثيره في الإسلام ، وكيف ومقاماته في المواقف مشهورة ، وقصة من قتله من الصناديد مذكورة ، نحو قتله
__________________
(١) في (ب) : أو الإيماء ، ولعله يريد إيماء النص. مثل قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «عليك الكفارة» ، جوابا لمن قال : جامعت أهلي في نهار رمضان ؛ فالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يقل : من جامع في رمضان عليه الكفارة ؛ لكن النص يؤدي إلى هذا المعنى قطعا.
(٢) في (ب) و (ج) : بدون طرّا.
(٣) تعليقة في الأصل : عنايته. ظ.
(٤) في (ب) : من عنايهم ، وكأنها من عنائهم بالهمز.
(٥) في (ب) عنا .. كعنائهم. وفي هامشها الأولى أن عناءهم لم يكن مثل عنائه كما قال في الجهاد فتأمل.