عليها وهم عنها معرضون ، ويتلونها وهم عنها عمون ، وما يعقلها إلا العالمون.
فضيلة سد الأبواب التي كانت إلى المسجد
فإنه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال يوما : «سدّوا هذه الأبواب إلّا باب عليّ» ؛ فتكلم في ذلك ناس ، قال : فقام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ثم قال : «أما بعد فإني أمرت بسدّ هذه الأبواب غير باب علي» ، فقال فيه قائلكم ، والله ما سددت شيئا ولا فتحته ، ولكني أمرت بشيء فاتّبعته» ، ذكره الثعلبي في كتابه ، ثم كرره بأسانيده ثلاثا أو أربعا ، وفي بعضه زيادات من قول أبي بكر وعمر والعباس ، وكلّ شيء من ذلك دليل على مزية الاختصاص فوجب الإقرار بالتقديم له (١) في الإمامة ؛ لأنه لا ينبغي للأمة أن تخرج من أدخله الله ورسوله ، وميّزه على الكافة من خلاصة الصحابة (رض) (٢).
__________________
(١) في (ب) : الإقرار له بالتقديم.
(٢) اخرجه المرشد بالله في أماليه ١ / ٤٢. والترمذي ٥ / ٥٩٩ رقم ٣٧٣٣. واحمد بن حنبل ٧ / ٧٩ رقم ١٩٣٠٧. والنسائى في الخصائص. والحاكم في المستدرك ٣ / ١٢٥. وتاريخ بغداد ٧ / ٢٠٥. وحلية الأولياء ٤ / ١٦٨. والعمدة لابن البطريق ص ٢٢٥ من عدة طرق. وابن أبي شيبة ٦ / ٣٧٠ رقم ٣٢٠٩٩. وابن حجر فتح الباري ٧ / ١٤ ـ ١٥ في سياق رواية : «سدوا الأبواب إلا باب أبي بكر» ، وقال : إن الأمر بسد الأبواب إلا باب علي صحيح لا نطعن فيه ، وقال : إن ظاهره يعارض سد الأبواب إلا باب أبي بكر ، وبما أن الحديث في علي أصح وأرجح فقد وفّق بينهما بأن حمل باب أبي بكر على الخوخة أي النافذة ، أمّا علي فبابه على الحقيقة وكان يمر وهو جنب ، وساق رواية عن الترمذي [٥ / ٥٩٧ رقم ٣٧٢٧] عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا يحل لأحد يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك». ولعل الرواية في أبي بكر (رض) يراد بها معارضة الفضيلة التي اختصها الله بعلي كما هو معروف ؛ فإن فضائل علي لا تكاد تسلم من الغمز واللمز مع أن حديث ترك باب علي والسماح له بالمرور جنبا يعضده القرآن وهو قوله تعالى : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) [الأحزاب : ٣٣] فعلي طاهر مطهر. والله أعلم.