خلفهما ، وهو يقول لهم : «إذا دعوت فأمّنوا» ؛ فقال أسقف النصارى : إني لأرى وجوها لو سألوا الله أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله ؛ فلا تبتهلوا : فلا يبقى على وجه الأرض نصرانيّ إلى يوم القيامة ، فقالوا : يا أبا القاسم قد رأينا أن لا نلاعنك ، ونثبت على ديننا وأنت على دينك ، وأعطوه الصلح في كل عام ألفي حلّة : نصف في رجب ، ونصف في صفر. وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «والذي نفسي بيده إنّ العذاب قد تدلّى على أهل نجران ، ولو لاعنوا لمسخوا قردة وخنازير ، ولاضطرم الوادي عليهم نارا ، ولاستأصل الله تعالى نجران وأهله حتى الطير على الشجر ، ولما حال الحول على النصارى كلّهم حتى هلكوا» فقال الله تعالى : (إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا اللهُ وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (١) [آل عمران : ٦٢].
فصل : قال الإمام المنصور بالله عليهالسلام : وهذا الخبر مفيد جدا ؛ لأنه أثبت أنّ ولدي عليّ وهما الحسن والحسين ولدان لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. وذلك ثابت في ظاهر قوله : (نَدْعُ أَبْناءَنا) ؛ فكان الحسن والحسين (ع). وأثبت الخبر أنّ المراد بقوله في الآية : (نِساءَنا) فاطمة ، فخرجت زوجاته عن مقتضى الآية والخبر.
ولا خلاف بين الأمة أنه لم يدع أحدا من زوجاته ، ولا دعا أحدا من النساء غير فاطمة (ع) ، وأن المراد بقوله تعالى : (وَأَنْفُسَنا) محمد وعلي صلوات الله عليهما (٢). فكيف يجوز لنفس أن تتقدم على نفس رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكيف يعتري الشكّ في كونه أفضل الصحابة (رض) ، وكم من آية يمرون
__________________
(١) ابن البطريق في العمدة ص ٢٤٠ وعزاه إلى الثعلبي في التفسير ؛ وقد سبق تخريجه.
(٢) في هامش (ب) الأولى أن يقال : وإن المراد بأنفسنا علي ، لأن الإنسان لا يدعو نفسه فإذن تكون نفس علي نفس رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فتدبر. والله ولي التوفيق ..