قال أبو القاسم البستي رحمهالله : ولمحمد بن الحسن (١) كتاب يشتمل على ثلاثة آلاف مسئلة في قتال أهل البغي بناها على فعل أمير المؤمنين عليهالسلام.
ثم مما يدل على أنه أعلم ـ إجماع العترة (ع) ؛ فإنهم أجمعوا على أنّ عليّا عليهالسلام أعلم الأمة ، وإجماعهم حجّة كما تقدم بيانه.
وقصة الجاثليق ظاهرة في قدومه على عمر وسؤاله عمّا عجز عن جوابه ؛ فلما لم يعرف الجواب تقدم به عمر إلى أمير المؤمنين عليهالسلام وأمر الجاثليق بسؤاله ، فسأله الجاثليق عن جميع مسائله ؛ فأجابه بأحسن جواب ، فلما فرغ قال الجاثليق : إنما أنت خليفة رسول الله لا عمر. فأسلم وحسن إسلامه.
وروى أن عمر بن الخطاب حكم بحكم فغلط فيه فرده معاذ بن جبل فرجع ، وقال : لو لا معاذ لهلك عمر (٢). وروي أنه حكم بحكم آخر فغلط فيه أيضا فردّت عليه امرأة من نساء المسلمين حكمه فرجع عن خطئه حتى قال
__________________
(١) هو محمد بن الحسن بن فرقد من موالي بني شيبان ولد سنة ١٣١ ه. ومات سنة ١٨٩ ه إمام بالفقه والأصول. قال الشافعي : لو أشاء أن أقول نزل القرآن بلغته لقلت ؛ لفصاحته. وكان يقول أنا على مذهب زيد إن آمنت على نفسي وإن لم فأنا على مذهب أبي حنيفة. تولى القضاء بالرقة ثم عزل. وله الموقف الذي قام لله عزوجل بين يدي هارون الرشيد لما أراد الغدر بالإمام يحيى بن عبد الله (ع) ، وأراه كتاب الأمان الذي كان أنفذه إلى الديلم فرأوا الكتاب وعرفوا صحته ولم يتجاسر أحد بالكلام ، فقال محمد بن الحسن : هذا أمان لا يجوز نقضه ، ومن نقضه فعليه لعنة الله. فغضب هارون وضربه بالدواة فشجه شجة خفيفة. ولمحمد بن الحسن أصحاب ، ومن أصحابه وكتبه انتشر علم أبي حنيفة ومنهم زفر. توفي سنة ١٩٢ ه. وله كتب كثيرة في الفقه والأصول منها الجامع الصغير ، والكبير ، والزيادات ، والآثار ، والسير ، والموطأ ، والأمالي ، والمخارج في الحيل ، والأصل ، والحجة على أهل المدينة ، وكلا من هذه قد طبع. والزيادات ، والمبسوط. ينظر : الشافي ١ / ١٤٩. والأعلام ٦ / ٨٠. والفلك الدوار ص ٥٥. وتراجم رجال شرح الأزهار ص ٣٣ ، وتاريخ بغداد ٢ / ١٧٢.
(٢) سنن البيهقي ٧ / ٤٤٣.