والنظام ما يزيد على كلّ صناعة محكمة في الشاهد : من بناء وكتابة.
ومن نظر في الهواء وما فيه من السّعة والرّقّة والصّفاء ، وكونه مكانا للّطيف والكثيف من الأشياء ، فيحمل الأصوات والروائح الطيبة والخبيثة ، ثم تمحى وتزول ويعود نقيّا ، وتخرج فيه الرياح بالسحاب والتراب والدخان والغبار ، ثم تزول منه بقدرة الواحد القهار ـ علم صحة ما ذكرناه ، وكذلك من نظر فيما يشاهد في السماء الدنيا : من ارتفاعها وصفائها واتساعها وبهائها ، وما فيها من النيّرات التي ملأ ضياؤها ما بين الأرضين والسموات : من الشمس والقمر والنجوم المختلفات ، وكفى في الدلالة خلق الشمس والقمر ، وخلق النور والضياء فيهما ، ودورانهما ، ورفعتهما ، وإمساكهما ، وقربهما ، ومنازلهما ، ومشارقهما ، ومغاربهما ، وزيادة القمر ونقصانه وكسوفهما. قال الكلبي (١) : يضيء وجهها لأهل السموات السبع وظهرها لأهل الأرضين السبع (٢).
وقد ذكر بعض الأئمة الهداة من أسباط الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين (ع) (٣) : «أنّ مثل هذا العالم كمثل بيت قد أعدّ فيه كلّ ما يحتاج إليه ، ووضع كلّ شيء منه في موضعه ، فالسماء (٤) سقفه ، والأرض فراشه ، والشمس والقمر
__________________
(١) محمد بن السائب ، كان عالما بالتفسير وأنساب العرب وأحاديثهم ، جرح بالتشيع توفي سنة ١٤٦ ه. تهذيب التهذيب ج ٩ ص ١٨٠. وأعيان الشيعة ج ٩ ص ٣٤٠.
(٢) هذا تفسير قديم ، والواقع حسب العلم المعاصر أنّ القمر كوكب مظلم وإنما يضيء بسبب انعكاس نور الشمس عليه ، فما وقع عليه شعاع الشمس أضاء ؛ لأنه ليس جسما نورانيا أما الشمس فهي تضيء ، ولكن ليس للأرضين السبع والسموات السبع ؛ لأن الفضاء مكتظ بالمجرات ، وكل مجرة فيها مليارات النجوم لا يقاس البعد الشاسع بينها بالأرقام ، وإنما بألوف السنوات الضوئية ، ولعل الشمس تضيء للمجموعة الشمسية. والله أعلم.
(٣) ذكره في حقائق المعرفة المتوكل على الله أحمد بن سليمان عليهالسلام. (خ).
(٤) في (د) والسماء.