حال لوجب القضاء بفضل ابن أبي سرح ، وفي علمنا ضرورة بخلاف ذلك دلالة على أنها لا تقتضي الفضل (١).
وقد روينا أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أمر يوما معاوية ليكتب له ، وأرسل إليه رسولا فرجع بغير شيء ، وقال الرسول : هو يأكل ، فأعاد ذلك مرارا كلّ ذلك يقول : هو يأكل ، فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «اللهم لا تشبع بطنه» (٢). وذكر ذلك الحسن بن علي (ع) لمعاوية في جملة الكلام الذي ذكرنا بعضا منه أوّلا ثم قال له : فنشدتك الله (٣) ، ألست تعرف تلك الدعوة في نهمتك وأكلتك ورغبة بطنك؟ (٤). فلم ينكر عليه معاوية قوله ، وأقره عليه في معرض الحجاج والجدال.
الشبهة الثانية :
قولهم : إنّ معاوية من الصحابة (رض) فله حقّ الصحبة ، وهي تقتضي الفضل. جوابها : أن الصاحب قد يكون مؤمنا ، وقد يكون كافرا ، وقد يكون برّا ، وقد يكون فاجرا. قال الله سبحانه : (قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ) [الكهف : ٣٧] ، وقد كان عبد الله بن أبي بن سلول من جملة من شمله اسم الصحابة ، وكذلك صخر ابن حرب. فصحبة معاوية كصحبتهما ؛ إذ هو من جنسهما ، وحكمه حكمهما.
__________________
(١) في (ب) : لا تقضي بالفضل.
(٢) أخرجه مسلم ٣٤ / ٢٠١٠ برقم ٢٦٠٤ عن ابن عباس. والنسائي ١ / ٥ من مقدمة الحسني ، عند ما قيل له : ألا تخرج فضائل معاوية كما أخرجت فضائل علي؟ قال : أي شيء أخرج؟ اللهم لا تشبع بطنه ، فقتله أهل الشام كما هو مشهور.
(٣) في (ب) بالله.
(٤) ابن أبي الحديد ٢ / ٤٦١ ، عند ما بعث إليه ليكتب كتابا إلى بني خزيمة.