ذلك وجهان : أحدهما أن الصحابة (رض) أجمعت على وجوبها وإجماعهم حجة على ما فصلنا ذلك في كتاب النظام.
الوجه الثاني : قول الله سبحانه : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ) [النور : ٢] ، وقوله تعالى : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) [المائدة : ٣٨] ، ونحو ذلك من آيات الحدود ، ووجه الاستدلال بهذه الآيات أن الله تعالى أمرنا بإقامة الحدود على الإطلاق من دون أن يعلّق ذلك بشرط ، والأمر يقتضي الوجوب فكان ذلك واجبا ، وذلك لا يتم إلا بوجوب الإمام فيجب أن تكون الإمامة واجبة.
وتحقيق هذه الدلالة أنها مبنية على خمسة أصول قد فصلناها وأوضحناها في كتاب النظام ، والغرض هاهنا هو الاختصار.
فإن قيل : فهل (١) تعتبرون في الإمامة شروطا مخصوصة أو لا؟ فإن كنتم تعتبرون شيئا من ذلك فبيّنوه ، قلنا : إن للإمامة شروطا : منها أن يكون المدّعي لها حرا ، وأن يكون فاطميا يعتزي بنسبته من قبل أبيه إلى الحسن أو الحسين (ع) ، وأن يكون بالغا. عاقلا. قويا على تدبير الأمر بحيث لا آفة به تمنعه ولا نقص في عقله يوهنه عن النظر في أمور الدين. وأن يكون مؤمنا شديد الغضب لله على المجرمين كثير التّحنّن بالمؤمنين. وأن يكون ورعا في الظاهر ، وتفسيره : أن يكون كافّا عن المحرمات ، قائما بالواجبات ، فيكون عدلا ظاهر العدالة في ظاهر الحال دون باطنه ، وأن يكون شجاعا بحيث لا يجبن عن لقاء أعداء الله تعالى ، ويجب أن يكون له من المواطن المشهورة ما يعلم به شجاعته ، ويستدلّ به على رباطة جأشه ، وثبات قلبه حتى يعدّ شجاعا وإن لم يكثر قتله وقتاله. وأن يكون سخيّا بحيث لا يكون معه بخل يمنعه عن وضع الحقوق في مواضعها ودفعها إلى مستحقيها.
وأن يكون عالما بتوحيد الله تعالى وعدله وما يتفرع عليهما ، وبجميع
__________________
(١) في (ب) ، (ج) : هل.