صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ تِلْقاءَ أَصْحابِ النَّارِ قالُوا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) [الأعراف : ٤٦ ـ ٤٧]. روي (١) عن عبد الله بن العباس (رض) أنّ الأعراف موضع عال على الصراط ، عليه العباس وحمزة وعليّ وجعفر (رض) يعرفون محبيهم ببياض الوجوه ، ومبغضيهم (٢) بسواد الوجوه (٣) ، تمّ كلامه (رض). ومتى قيل : فلم تأخر دخولهم الجنة؟ قلنا : لأنهم تعجلوا اللّذة بالشماتة على الأعداء ، وإن تأخّر دخولهم لظهور فضلهم ، وجلالة موقعهم فيشمتون بأهل النار ، ويهنئون أهل الجنة وهم يطمعون ، وهو طمع يقين كقول إبراهيم عليهالسلام : (أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي) (٤) [الشعراء : ٨٢].
ومنها قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ) [المجادلة : ١٢]. ذكر علماء التفسير أن الصحابة كانوا قد أكثروا السؤال لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكان الأغنياء ربما يتولّون ذلك دون الفقراء ، فأراد الله أن يخفف على نبيه ، ويرفع منزلة الفقراء ، فنزلت آية الصدقة قبل المناجاة ، وهي ما تقدم ذكرها فبخل الأغنياء بمالهم ، فما ناجاه إلّا عليّ عليهالسلام قدّم دينارا ثم ناجاه ، فما عمل بهذه الآية ، منهم سواه بلا خلاف بين المحصلين من الرواة ، ولهذا قال عليهالسلام : إنّ في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي ، ولا يعمل بها أحد بعدي (٥). وهو صادق في قوله ؛ لأنّ
__________________
(١) في (ب) : وروي.
(٢) في (ب) : ومبغضهم.
(٣) مجمع البيان ٤ / ٢٦١ ، وذكر أن الثعلبي ذكره بالإسناد في تفسيره.
(٤) وهو قول الحسن وأبي علي الجبّائي. أنظر مجمع البيان ٤ / ٢٦٢.
(٥) الزمخشري ٤ / ٤٩٤. والقرطبي مج ٩ ج ١٧ ص ١٩٧. وشواهد التنزيل ٢ / ٢٣١ رقم ٩٤٩ ـ ٩٦٢. والدر المنثور ٦ / ٢٧٢. وتفسير الطبري مج ١٤ ج ٢٨ ص ٢٧. ومفاتيح الغيب مج ١٥ ج ٢٩ ص ٢٧٣. ومجمع البيان مج ٩ ج ٢٨ ص ٤١٧.