أليس ممن (١) عبد الاصنام وعكف على الآثام ، ثم أسلم بلا إشكال ، ثم فرّ عن زحف رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بلا إنكار ، وتقدّم على (٢) أمير المؤمنين عليهالسلام مع قوله على المنبر بإجماع الرواة في بعض كلامه : ولّيتكم ولست بخيركم. فإن كان صادقا فهو كما قال ، وإن كان كاذبا نقّصه ذلك عن درجة الجلال ، وحطّه عما مدّ إليه عنقه من الكمال. يا من طلب الماء في الآل [السّراب] ، أين الهدى من الضلال ، وأين الأجاج من الماء العذب السلسال؟.
تأمل ما ذكرناه في كتابنا هذا بعين البصيرة إن كنت ممن يخشى العالم بالسريرة. وابحث أهل المعرفة بالسيرة ، ألم يقتل خالد بن الوليد ذا التاج؟ وبنى خالد بزوجته تلك الليلة من دون استبراء. وذو التاج هو مالك بن نويرة. ويقال : إنّ خالدا رأى زوجة مالك بن نويرة ففتن بها فقتله لأجلها. وقيل : إنه قتله بعد أن أسره ، وقتل غيره معه لئلا يقال : إنه إنما قتله لأجلها. وإيّاه عنى أبو فراس (٣) بقوله :
وجرّت منايا مالك بن نويرة |
|
عقيلته الحسناء أيّام خالد (٤) |
ولما بنى بها من ليلتها من دون استبراء أنكر ذلك العلماء والصلحاء. وروي
__________________
(١) في (ب) : أليس هو ممن.
(٢) في (ب) «على» محذوفة.
(٣) الحمداني ، ولد ٣٢٠ ه ، أديب ، فاضل ، وفارس ، وشاعر ، كان الصاحب يقول : بدئ الشعر بملك وختم بملك ، يعني امرأ القيس ، وأبا فراس الحمداني ، قتل سنة ٣٥٧ ه. ينظر :
وفيات الأعيان ١ / ١٢٧.
(٤) ديوانه ١٠٣ ، من قصيدة يذكر أسره وبعض حساده ، ومطلعها :
لمن جاهد الحساد أجر المجاهد |
|
وأعجز ما حاولت إرضاء حاسد |