والفصل الثاني : في حكمهما
واعلم أيها المسترشد أنهما واجبان متى تكاملت شرائطهما ، والذي يدل على وجوبهما الكتاب والسنة والإجماع. أما الكتاب فقوله تعالى : (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [آل عمران : ١٠٤]. وقوله عزّ قائلا : (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ* كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ* تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ) [المائدة : ٧٨ ـ ٨٠]. فبين سبحانه أنّ من جملة ما لعنهم به تركهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى غير ذلك من الآيات.
وأما السنة : فكثير نحو ما أخبرني به والدي وسيدي بدر الدين عماد الإسلام رضى الله عنه (١) بالإسناد الموثوق به إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : «لا يحلّ لعين ترى الله يعصى فتطرف حتى تغيّر ، أو تنتقل» (٢). وفي السماع المتصل بالمنصور بالله عليهالسلام : «حتى تغيّر أو تنصرف» (٣). ونحو ما رويناه إلى زيد بن علي عن آبائه عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : «لا قدّست أمّة لا تأمر بمعروف ولا تنهى عن منكر ، ولا تأخذ على يد ظالم ، ولا تعين المحسن ، ولا تردّ المسيء
__________________
(١) هو الأمير بدر الدين محمد بن أحمد بن يحيى بن يحيى (ع).
(٢) الأحكام ٢ / ٥٤٠. ورأب الصدع ٣ / ١٥٨٩.
(٣) درر الأحاديث النبوية ص ٣٦.