وعن مالك بن دينار قال : أوحى الله إلى ملائكته : أن أهلكوا قرية كذا. قالوا : يا رب إنّ فيهم فلانا العابد! قال : أسمعوني ضجيجه فيهم ، فإنّ وجهه لم يتغيّر غضبا لمحارمي. وعنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : «لمقام أحدكم في الدنيا يتكلّم بكلمة يردّ بها باطلا ويحقّ بها حقّا أفضل من هجرة معي» (١). وعنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : «أفضل الجهاد كلمة حقّ بين يدي سلطان جائر» (٢). وعنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : «من أمر بالمعروف ، ونهى عن المنكر (٣) ، فهو خليفة الله في الأرض ، وخليفة كتابه ورسوله» (٤). إلى غير ذلك من الأخبار.
وأما الإجماع فذلك ظاهر لا خلاف في وجوبهما بين المسلمين متى تكاملت شرائطهما.
وأما الفصل الثالث :
فهو في تعيين شرائطهما. وهي خمس شرائط :
أحدها : أن يكون الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر عالما بأنّ ما أمر به فهو حسن غير قبيح ، وأنّ ما نهى عنه فإنه قبيح (٥) مختص بوجه من وجوه القبح. فيدخل في ذلك أن يكون المأمور به حسنا والمنهيّ عنه قبيحا ؛ لأنه متى لم يكن
__________________
(١) أخرجه السيوطي في جامع الأحاديث ٥ / ١٠٨ رقم ١٧٤٩٢ ، بلفظ : «لمقام أحدكم في الدنيا يتكلم بحقّ يزيل به باطلا ، أو ينصر به حقا أفضل من هجرة معي».
(٢) المرشد بالله ٢ / ٢٢٨ من حديث : «أي الجهاد أفضل ، قال : كلمة حق عند إمام جائر». والطبراني ٨ / ٢٩٢ رقم ٨٠٨١ بلفظه ، وص ٢٨١ رقم ٨٠٨٠ بلفظ : أحب الجهاد. وابن ماجة ١ / ١٣٢٩ رقم ٤٠١١ بلفظ : أفضل الجهاد كلمة عدل. وأبو داود ٤ / ٥١٤ رقم ٤٣٤٤٤.
(٣) في الأحكام : من ذريتي.
(٤) الأحكام ٢ / ٥٠٥.
(٥) في (ب) : فهو قبيح مختص بوجه.