وقصة حاطب بن أبي بلتعة ظاهرة (١) والغرض الاختصار وقال الله سبحانه (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً مُبِيناً) [النساء : ١٤٤]. وقال سبحانه : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) [التحريم : ٩]. وقال سبحانه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً) [التوبة : ١٢٣]. ونظائر ذلك في القرآن كثير ، ثم حكم الله سبحانه بأنّ حكم من والاهم كحكمهم (٢) فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [المائدة : ٥١].
وأما السنة : فكثير ، نحو قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لأبي ذر : «أتدري أيّ عرى الإسلام أوثق؟ قال : الله ورسوله أعلم. قال : الموالاة في الله ، والمعاداة في الله ، والحبّ في الله ، والبغض في الله» (٣). وعنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : «لو أنّ عبدا قام ليله
__________________
(١) فقد كتب لأهل مكة يخبرهم أن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم يريد غزوهم ، فأعلم الله نبيه بذلك فأرسل عليا والمقداد والزبير وعمارا وطلحة وأبا مرتد إلى روضة خاخ ، فوجدوا ظعينة معها كتاب حاطب ، وقد أخفته بين شعر رأسها ، وقد كانت أنكرته لو لا أن عليّا تهددها قائلا : والله لنكشفنك ، فو الله ما كذبنا ولا كذبنا. فطلب حاطب ، واعتذر بأنه ما نافق ، وإنما أراد أن يقدم يدا لمشركي مكة ؛ ليحفظوا له عياله ؛ لأنه لصيق بهم لا عشيرة له ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لقد صدقكم» ، ونزلت الآيات. ينظر أسباب النزول للواحدي ص ٣٤٧.
(٢) في (ب) : حكمهم.
(٣) شمس الأخبار ٢ / ١٦١. والطبراني في الكبير ١٠ / ١٧١ رقم ١٠٣٥٧ ورقم ١٠٥٣١ ص ٢٢٠. وحلية الأولياء ٤ / ١٩٦.